قال أبو عمر ابن عبد البر لم يمت رسول الله عليه السلام وفي العرب رجل كافر بل دخل الكل وفي الإسلام بعد حنين منهممن قدم ومنهم من قدم وافده وقال ابن عطية والمراد والله أعلم العرب عبدة الأوثان وإما نصارى بني تغلب
٥٢٩
فما أسلموا في حياته عليه السلام، ولكن أعطوا الجزية وفي "عين المعاني" الناس أهل البحر، قال عليه السلام :"الإيمان يماني والحكمة يمانية" وقال وجدت نفس ربكم من جانب اليمن أي تنفيسه من الكرب وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه إنه بكى ذات يوم فقيل لهفي ذلك فقال سمعت رسول الله عليه السلام، يقول دخل الناس في دين الله أفواجاً وسيخرجون منه أفواجاً ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ﴾ التسبيح مجاز عن التعجب بعلاقة السببية فإن من رأ أمر أعجبياً يقول سبحان الله قال ابن الشيخ لعل الوجه في إطلاق هذه الكلمة عند التعجب كما ورد في الأذكار ولكل أعجوبة سبحان الله هو أن الإنسان عدن مشاهدة الأمر العجيب الخارج عن حد أمثاله يستبعد وقوعه وتنفعل نفسه منه كأنه استقصر قدرة الله فلذلك خطر على قلبه أن يقول من قدر عليه وأوجده ثم إنه في هذا الزعم مخطىء فقال سبحان الله تنزيهاً عن العجز عن خلق أمر عجيب يستبعد وقوعه لتيقنه بأن الله على كل شيء قدير قال الامام السهيلي رحمه الله، سر اقتران الحمد بالتسبيح أبداً نحو سبح بحمد ربك وإن من شيء ألا يسبح بحمده إن معرفة الله تنقسم قسمين معرفة ذاته ومعرفة أسمائه وصفاته ولا سبيل إلى إثبات أحد القسمين دون الآخر وإثبات وجود الذات من مقتضى العقل وإثبات الأسماء والصفات من مقتضى الشرع فبالعقل عرف المسمى وبالشرع عرفت الأسماء ولا يتصور في العقل إثبات الذات إلا مع نفي سمات الحدوث عنها وذلك هو التسبيح ومقتضى العقل مقدم على مقتضى الشرع وإنما جاء الشرع المنقول بعد حصول النظر والعقول فنبه العقول على النظر فعرفت ثم علمها ما لم تكن تعلم من الأسماء فانضاف لها التسبيح والحدم والثناء فما أمرنا تسبيحه إلا بحمده انتهى.
ومعنى الآية فقل سبحان الله حال كونك ملتبساً بحمده أي فتعجب لتيسير الله ما لم يخطر ببال أحد من أن يغلب أحد على أهل حرمه المحترم وأحمده على جميع صنعه هذا على الرواية الأولى ظاهر وإما على الثانية فلعله أمربأن يداوم على ذلك استعظاماً لنعمته لا بأحداث التعجب لما ذكر فإنه إنما يناسب حالة الفتح.
وقال بعضهم : والأشبه أن يراد نزهه عن العجز في تأخير ظهور الفتح وأحمده على التأخير وصفه بأن توقيت الأمور من عنده ليس إلا بحكم لا يعرفها إلا هو انتهى.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٥٢٨
أو فاذكره مسبحاً حامداً وزد في عبادته والثناء عليه لزيادة إنعامه عليك أو فصل له حامداً على نعمه فالتسبيح مجاز عن الصلاة بعلاقة الجزئية لأنها تشتمل عليه في الأكثر روى إنه عليه السلام لما فتح باب الكعبة صلى صلاة الضحى ثماني ركعات وحملها بعضهم على صلاة الشكر لا على صلاة الضحى وبعضهم على أن أربعاً منها للشكر وأربعاً للضحى أو فنزهه عما يقول الظلمة حامداً له على أن صدق وعده أو فأثن على الله بصفات الجلال يعني الصفات السلبية حامداً له على صفات الإكرام يعني الصفات الثبوتية أي على آثرها أو على تنزيلها منزلة الأوصاف الاختيارية لكفاية الذات المقدس في الاتصاف بها فإن المحمود عليه يجب أن يكون أمراً اختيارياً.
وقال القاشاني : نزه ذاتك عن الاحتجات بمقام القلب الذي هو معدن النبوة بقطع علاقة البدن والترقي إلى مقام حق اليقين الذي هو معدن الولاية حامداً له بإظهار كمالاته
٥٣٠


الصفحة التالية
Icon