يقول الفقير : يلوح لي ههنا سر خفي وهو أن النفخ وإن كان في الجيب إلا أن عيسى لما كان متولداً من الماءين الماء المتحقق وهو ماء مريم ولماء المتوهم وهو ما حصل بالنفخ كان النفخ في الجيب بمنزلة صب الماء في الفرج فالروح المنفوخ في الجيب كالماء المصبوب في الفرج والماء المصبوب وإن لم يكن الروح عينه إلا أنه في حكم الروح لأنه يخلق منه الروح ولذا قال تعالى :[التحريم : ١٢]﴿فَنَفَخْنَا فِيهِ﴾ أي في الفرج سواء قلت إن فرج القميص أو العوض فاعرف ولا يقبله إلا الإلباء الروحانيون وصدقت} معطوفع لى أحصنت ﴿بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا﴾ أي بالصحف المنزلة على الأنبياء عليهم السلام، وفي كشف الأسرار يعني الشرائع التي شرعها الله للعباد بكلماته المنزلة ويقال صدقت بالبشارات التي بشر بها جبريل ﴿وَكُتُبِهِ﴾ أي بجميع كتبة المنزلة الشاملة للصحف وغيرها من الكتبا لإلهية متقدمة أو متأخرة ﴿وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ﴾ أي من عداد المواظبين على الطاعة فمن للتبعيض وفي عين المعاني من المطيعين المعتكفين في المسجد الأقصى والتذكير لتغليب المذكر فإن مريم جعلت داخلة في ذلك اللفظ مع المذكرين والأشعار بأن طاعتها لم تقصر عن طاعات الرجال حتى عدت من جملتهم أو كانت من القانتين أي من نسلهم لأنها من أعقاب هارون أخي موسى عليه السلام، فمن لابتداء الغاية وعن النبي عليه السلام، كمل من الرجال كثير ولم تكمل من النساء إلا أربع آسية بنت مزاحم ومريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام كان العرب لا يؤثرون على الثريد شيئاً حتى سموه بحبوحة الجنة وذلك لأن الثريد مع اللحم جامع بين الغداء واللذة وسهولة التناول وقلة المؤونة في المضغ فضرب به مثلاً يؤذن بأنها أعطيت مع الحسنالخلق حلاوة المنطق وفصاحة اللهجة وجودة القريحة ورصانة العقل والتحبب إلى البعد فهي تصلح للتبعل والتحدث والاستئناس بها والإصغاء إليها وحسبك إنها عقلت من النبي عليه السلام، ما لم يعقل غيرها من النساء وروت ما لم يرو مثلها من الرجال وقد قال عليه السلام، في حقها خذو ثلثي دينكم من عائشة ولذا قال في الأمالي :
وللصديقة الرجحان فاعلم
على الزهراء في بعض الخصال
لكن الكمال المطلق إنما هو لفاظمة الزهراء رضي الله عنها، كما دل عليه الحديث المذكور وأيضاً دل تشبيه عائشة بالثريد على تشبيه غيرها من المذكورات باللحم وهو سيد الإدام.
٧١
يقول الفقير : رأيت في بعض الليالي المنورة كأن النبي عليه السلام يقول لي عائشة ست النساء اللاتي اجتمعن ومعناه على ما ألهمت وقتئذٍ أن عائشة رضي الله عنها هي السادسة من النسا الست اللاتي اجتمعن في نكاح رسول الله صلى الله عليه وسلّم كأن الست من التسع متساوية في الفضيلة ومنها عائشة لكن اشتهرت عائشة بالفضل ونودي عليها بذلك وخفيت أحوال الباقيات من الست لحكمة خفية الهية ولذا لم يعين لي رسول الله صلى الله عليه وسلّم من بقيت من الست ودل الحديث على كثرة كمال الرجال وقلة كمال النساء فيما بعض عصر النبي عليه السلام، وإن كانت القرون متفاوتة والإعصار متباينة ولذا قال الحافظ :
نشان أهل خدا عاشقيست باخود دار
كه در مشايخ شهر اين نشان نمى بينم
(وقال المولى الجامي) :
أسرار عاشقا نرا بايد زبان دير
درداكه نيست يدا درشهر همزباني
والله الهادي.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٤٧