تبعثون فان لا يجاب النفى الذى قبله وقوله ﴿وَرَبِّى لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ﴾ اى لتحاسبن وتجزون بأعمالكم جملة مستقلة داخلة تحت الامر واردة لتأكيد ما أفاده كلمة بلى من اثبات البعث وبيان تحقق امر آخر متفرع عليه منوط به ففيه تأكيد لتحقق البعث بوجهين فقوله وربى قسم لعل اختياره ههنا لما ان فى البعث اظهار كمال الربوبية المفيدة لتمام المعرفة وايثار دوام التربية بالنعم الجسمانية الظاهرة والنعم الروحانية الباطنة وقوله لتبعثن اصله لتبعثون حذفت واوه لاجتماع الساكنين بمجيئ نون التأكيد وان كان على حده طلبا للخفة واكتفاء بالضمة وهو جواب قسم قبله مؤكد باللام المؤكدة للقيم وثم لتراخى المدة لطوب يوم القيامة او لتراخى الرتبة وظاهر كلام اللباب أن يكون وربى قسما متعلقا بما قبله قد تم الكلام عنده وحسن الوقف عليه ويجعل تبعثن بما عطف عليه جواب قسم آخر مقدر مستانف لتأكيد الاول لعل فائدة الاخبار بالقسم مع ان المشركين ينكرون الرسالة كما ينكرون البعث ابطال لزعمهم بالتشديد والتأكيد ليتأثر من قدر الله له الانصاف وتتأكد الحجة على من لم يقدر له وكان محروما بالكلية ﴿وَذَالِكَ﴾ اى ما ذكر من البعث والجزآء ﴿عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ اى سهل على الله لتحقق القدرة التامة وقبول المادة واذا كان الامر كذلك.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٢
﴿فَـاَامِنُوا﴾ بصرف ارادتكم الجزئية الى اسباب حصول الايمان ﴿بِاللَّهِ﴾ الباعث من القبور المجازى على كل عمل ظاهر أو مستور ﴿وَرَسُولِهِ﴾ محمد ﷺ الذى اخبر عن شؤون الله تعالى وصفاته ﴿وَالنُّورِ الَّذِى أَنزَلْنَا﴾ اى انزلناه على رسولنا وهو القرءآن فانه بأعجازه بين بنفسه.
انه حق نازل من عند الله مبين لغيره ومظهر للحلال و الحرام كما ان النور كذلك والالتفات الى نون العظمة لابراز كمال العناية ﴿وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ من الامثتال بالامر وعدمه ﴿خَبِيرٌ﴾ فمجمازيكم عليه.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٩
﴿يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ﴾ ظرف لتنبئون وما بينهما اعتراض او معقول الذكر الظاهر ان الخطاب لمن خوطب اولا بقوله ألم يأتكم ﴿لِيَوْمِ الْجَمْعِ﴾ ليوم يجمع فيه الاولون والآخرة من الجن والانس واهل السماء والارض اى لاجل ما فيه من الحساب والجزآء وهو يوم القيامة فللام للعهد اى جمع هذا اليوم عن النبى عليه السلام اذا جمع الله الاولين والآخرين جاء مناد ينادى بصوت يسمع الخلائق كلهم سيعلم اهل الجسم اليوم من اولى بالكرم ثم يرجع فينادى ليقم الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع فيقومون وهم قليل ثم يرجع فينادى ليقم الذين كانوا يحمدون الله فى البأساء والضرآء فيقومون وهم قليل فيسرحون جميعا الى الجنة ثم يحاسب سائر الناس وقيل المراد مع الله بين العبد وعمله وقيل بين الظالم والمظلوم او بين كل شئ وامته ﴿ذَالِكَ﴾ اليوم ﴿يَوْمُ التَّغَابُنِ﴾ تفاعل من الغبن وهو أن تخسر صاحبك فى معاملة بينك وبينه بضر من الاخفاء والتغابن أن يغبن بعضهم بعضا ويوم القيامة غبن بعض الناس بعضا بنزول السعدآء منازل الاشقيا لو كانوا شعدآء وبالعكس وفيه تهكم لان نزولهم ليس بغبن ان كون نزول الاشقياء منازل السعدآء من النار لو كانوا اشقياء باعتبار الاستعارة التهكمية
١٠


الصفحة التالية
Icon