روى) إن إبراهيم بن أدهم رحمه الله أراد أن يدخل الحمام فطلب الحمامي الأجرة فتأوه وقال إذا لم يدخل أحد بيت الشيطان بلا أجرة فإني يدخل بيت الرحمن بلا عمل ﴿يُكَفِّرْ﴾ أي يغفر الله ويمح ﴿عَنْهُ سَيِّـاَاتِهِ﴾ يوم القيامة فلا يفضحه بها ﴿وَيُدْخِلْهُ﴾ بفضله وكرمه لا بالإيجاب ﴿جَنَّـاتٍ﴾ على حسب درجات أعماله ﴿تَجْرِى مِن تَحْتِهَا﴾ أي من تحت قصورها أو أشجارها ﴿الانْهَـارُ﴾ الأربعة ﴿خَـالِدِينَ فِيهَآ﴾ حال من الهاء في يدخله وحد أولاً حملاً على لفظ من ثم جمع حملاً على معناه ﴿أَبَدًا﴾ نصب على الظرف وهو تأكيد للخلود ﴿ذَالِكَ﴾ أي ما ذكر من تكفير السيئات وإدخال الجنات ﴿الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ الذي لا فوز ورآءه لانطوآئه على النجاة من أعظم الهلكات والظفر بأجل الطيبات فيكون أعلى حالاً من الفوز الكبير لأنه يكن بجلب المنافع كما في سورة البروج والفوز العظيم في الحقيقة هو الانخلاع عن الوجود المجازي والتلبس بلباس الوجود الحقيقي وذلك موقوف عل ىالإيمان الحقيقي الذوقي والعمل الصالح المقارن بشهود العامل فإن نور الشهود حينئذٍ يستر ظلمكات وجوده الإضافي وينوره بنور الوجود الحقيقي ويدخله جنات الوصول والوصال التي تجري من تحتها الأنهار مملوءة من ماء المعارف والحكم ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بآياتنا﴾ تصريح بما علم التزاماً والمراد بالآيات إما القرآن أو المعجزات فإن كلا منهما آية لصدق الرسول ﴿أولئك أَصْحَـابُ النَّارِ﴾ أي أهلها إما بمعنى مصاحبوها لخلودهم فيها أو مالكوها تنزيلاً لهم منزلة الملاك للتهكم حال كونهم ﴿خَـالِدِينَ فِيهَآ﴾ أي أبداً بقرينة المقابلة ﴿وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ أي النار كأن هاتين الآيتين الكريمتين بيان لكيفية التغابن وإنما قلنا كأن لأن الواو يمانع الحمل على البيان كما عرف في المعاني وفي الآية إشارة إلى المحجوبين عن الله المحرومين من الإيمان الحقيقي به بأن يكون ذلك بطريق الذوق والوجدان لا بطريق اعلم والبرهان المكذبين آيات الله الظاهرة في خواص عباده بحسب التجليات فإنهم أصحاب نار الحجاب وجحيم الاحتجاب على الدوام والاستمرار وبئس المصير هذه النار فعلى العاقل أن يجتهد حتى يكشف الله عمى قلبه وغشاوة بصيرته
١٢
فيشاهد آثار الله وآياته في الأنفس والآفاق ويتخلص من الحجاب على الإطلاق ففي نظر العرافين عبرة وحكمة وفي حركاته شأن ومصلحة.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٠
حكى) إن أبا حفص النيسابوري رحمه الله خرج مع حابه في الربيع للتنزه فمر بدار فيها شجرة مزهرة فوقف ينظر إليها معتبراً فخرج من الدار شيخ مجوسي فقال له يا مقدم الأخيار هل تكون ضيفاً لمقدم الأشرار فقال نعم فدخلوا وكان معهم من يقرأ القرآن فقرأ فلما فرغ قال لهم المجوسي خذوا هذه الدراهم واشتروا بها طعاماً من السوق من أهل ملتكم ملتكم تتنزهون عن طعامنا ففعلوا فلما أرادوا الخروج قال المجوسي للشيخ لا أفارقك بل أكون أحد أصحابك ثم أسلم هو وأولاده ورهطه وكانوا بضع عشرة نفساً فقال أبو حفص لأصحابه إذا خرجتم للتنزه فاخرجوا هكذا.
كتاب تفسير روح البيان ج١٠ من ص١٣ حتى ص٢٣ رقم٢
ون نظر ميداشت أرباب شهود
مؤمن آم بي نفاق أهل جحود