القدس ونظرت إليه بعيني كل يوم سبعين مرة وقضيت له سبعين حاجة أدناها المغفرة وأعذته من كل عدو وحاسد ونصرته عليهم" وفي بعض الكتب (أنا الله ملك الملوك، قلوب الملوك ونواصيهم بيدي فإن العباد أطاعوني جعلتهم لهم رحمة وإن العباد عصوني جعلتهم عليهم عقوبة فلا تشتغلوا بسبب الملوك ولكن توبوا إلي أعطفهم عليكم) وهو معنى قوله عليه السلام :"كما تكونون يولى عليكم" معناه إن كنتم من أهل الطاعة يول عليكم أهل الرحمة وإن كنتم من أهل المعصية يول عليكم أهل العقوبة.
وجاء في الخير أن موسى عليه السلام قال في مناجاته (يا رب أنت في السماء ونحن في الأرض فما علامة سخطك من رضاك؟ فأوحى الله إليه إذا استعملت على الناس خيارهم فهو علامة رضاي وإذا استعملت شرارهم فهو علامة سخطي عليهم).
قال الحجاج بن يوسف حين قيل له : لم لا تعدل مثل عمر رضي الله عنه وأنت قد أدركت خلافته أفلم تر عدله وصلاحه؟ فقال في جوابهم : تبذروا أَتَعَمَّرَ لكم، أي : كونوا كأبي ذر في الزهد والتقوى أعاملكم معاملة عمر في العدل والإنصاف.
وفيه إشارة إلى أن الولاة إنما يكونوا على حسب أعمال الرعايا وأحوالهم صلاحاً وفساداً فعلى كل واحد من المسلمين التضرعتعالى والإنابة إليه بالتوبة والاستغفار عند فشّو الظلم وشمول الجور ويظهر جور الوالي وعدله في الضرع والزرع والأشجار والأثمار والمكاسب والحرف يعني يقل لبن الضرع وتنزع بركة الزرع وتنقص ثمار الأشجار وتكسد معاملة التجار وأهل الحرف في الأمصار التي ملك فيها ذلك الملك الجائر بشؤم ظلمه وسوء فعله ويكون الأمر على العكس إذا عدل ولما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة كتب إليه طاووس إن أردت أن يكون عملك خيراً كله فاستعمل أهل الخير فقال كفى بها موعظة.
ندم اكر بشنوى أي : ادشاه
درهمه دفتر به ازين ند نيست
جز بخردمند مفرما عمل
كره عمل كار خردمند نيست
قال النبي صلى الله عليه وسلّم "سيأتي زمان لأمتي يكون أمراؤهم على الجور، وعلماؤهم على الطمع وعبادهم على الرياء وتجارهم على أكل الربا ونساؤهم على زينة الدنيا".
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٧
﴿لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَـافِرِينَ أَوْلِيَآءَ﴾ نهوا عن موالاتهم لقرابة أو صداقة جاهلية أو جوار ونحوها من أسباب المصادقة والمعاشرة حتى لا يكون حبهم ولا بغضهم إلاتعالى أو عن الاستعانة بهم في الغزو وسائر الأمور الدينية ﴿مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ في موضع الحال أي : متجاوزين المؤمنين إليهم استقلالاً أو اشتراكاً.
وفيه إشارة إلى أنهم الاحقاء بالموالاة وأن في موالاتهم مندوحة عن موالاة الكافرين أي : استغناء فلا تؤثروهم عليهم في الولاية ﴿وَمَن يَفْعَلْ ذَالِكَ﴾ أي : اتخاذهم أولياء ﴿فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ﴾ أي : من ولايته تعالى ﴿فِي شَىْءٍ﴾ يصح أن يطلق عليه اسم الولاية يعني أنه منسلخ من ولاية الله رأساً وهذا أمر معقول فإن موالاة الولي وموالاة عدوه متنافيان، قال :
تود عدوي ثم تزعم أنني
صديقك ليس النوك عنك بعازب
النوك الحمق.
والعازب البعيد والمعنى الصديق هو من يودك ويبغض عدوك.
والأعداء أيضاً ثلاثة عدوك وعدو صديقك وصديق عدوك :
١٩
بشوى أي : خرمند ازان دوست دست
كه بادشمنانت بود هم نشست
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٩


الصفحة التالية
Icon