الجسمانية وهذا الأجر العظيم إشارة إلى السعادات الروحانية.
ورد في الخبر الصحيح :"إن الله تعالى يقول لملائكته حين دخل أهل الجنة الجنة أطعموا أوليائي فيؤتى بألوان الأطعمة فيجدون لكل نعمة لذة غير ما يجدون للأخرى فإذا فرغوا من الطعام يقول الله تعالى : اسقوا عبادي فيؤتى بأشربة فيجدون لكل شربة لذة بخلاف الأخرى فإذا فرغوا يقول الله تعالى : أنا ربكم قد صدقتكم وعدي فاسألوني أعطكم قالوا : ربنا نسألك رضوانك مرتين أو ثلاثاً فيقول : رضيت عنكم ولدي المزيد فاليوم أكرمكم بكرامة أعظم من ذلك كله فيكشف الحجاب فينظرون إليه ما شاء الله فيخرون إليه سجداً فيكونون في السجود ما شاء الله تعالى ثم يقول لهم : ارفعوا رؤوسكم ليس هذا موضع عبادة فينسون كل نعمة كانوا فيها ويكون النظر إليه أحب إليهم من جميع النعم".
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٠٩
جان بيجمال جانان ميل جهان ندارد
وانكس كه اين ندارد حقاكه آن ندارت
"فيهب ريح من تحت العرش على تل من مسك أذفر فينشر المسك على رؤوسهم ونواصي خيولهم فإذا رجعوا إلى أهليهم يرون أزواجهم في الحسن والبهاء أفضل مما تركوهن ويقول لهم أزواجهم قد رجعتم أحسن مما كنتم" ومطمح نظر العارف الجنة المعنوية.
قال أبو يزيد البسطامي حلاوة المعرفة الإلهية خير من جنة الفردوس وأعلى عليين لو فتحوا لي الجنات الثمان واعطوني الدنيا والآخرة لم يقابل أنيني وقت السحر طال أنسي بالله.
وقال مالك بن دينار : خرج الناس من الدنيا ولم يذوقوا أطيب الأشياء قيل : وما هو؟ قال : معرفة الله تعالى، قال جلال الدين قدس سره :
أي خنك انراكه ذات خود شناخت
اندر امن سرمدي قصري بساخت
س و آهن كره تيره هيكلي
صيقلي كن صيقلي كن صيقليدفع كن از مغز ازبيني زكام
تاكه ريح الله درآيد از مشامهي مكذار ازتب وصفرا اثر
تابيابي درجهان طعم شكر
أوصانا الله وإياكم إلى معرفته وأدخلنا الجنة برحمته ﴿فَكَيْفَ﴾ محلها النصب بفعل محذوف على التشبيه بالحال أو الظرف أي فكيف يصنع هؤلاء الكفرة من اليهود والنصارى وغيرهم ﴿إِذَا جِئْنَا﴾ يوم القيامة ﴿مِن كُلِّ أُمَّة﴾ من الأمم ﴿بِشَهِيدٍ﴾ يشهد عليهم بما كانوا عليه من فساد العقائد وقبائح الأفعال وهو نبيهم ﴿وَجِئْنَا بِكَ﴾ أحضرناك يا محمد ﴿عَلَى هَـاؤُلاءِ﴾ إشارة إلى الشهداء المدلول عليهم بما ذكر من قوله بشهيد ﴿شَهِيدًا﴾ تشهد على صدقهم لعلمك بعقائدهم لاستجماع شرعك لمجامع قواعدهم أو إشارة إلى المكذبين المستفهم عن حالهم تشهد عليهم بالكفر والعصيان كما يشهد سائر الأنبياء على أممهم ﴿يَوْمَـاـاِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ﴾ بيان لحالهم التي أشير إلى شدتها وفظاعتها بقوله تعالى :﴿فَكَيْفَ﴾ الخ وعصيان الرسول محمول على المعاصي المغايرة للكفر فلا يلزم عطف الشيء على نفسه أي يتمنى الذين جمعوا بين الكفر وعصيان الرسول والمراد الذين كفروا والذين عصوا الرسول ﴿لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الارْضُ﴾ لو بمعنى أن المصدرية والجملة مفعول يود أي يودون أن يدفنوا فتسوي بهم الأرض كالموتى فتسوية الأرض بهم كناية عن دفنهم أو يودون أنهم لم يبعثوا ولم يخلقوا وكأنهم والأرض سواء.
قال بعض
٢١٠
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٠٩
الأفاضل الباء للملابسة أي تسوى الأرض ملتبسة بهم ولا حاجة إلى الحمل على القلب لقلة الفرق بين تسويتهم بالأرض والتراب وتسويتها بهم ﴿وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا﴾ عطف على يود أي : ولا يقدرون على كتمانه لأن جوارحهم تشهد عليهم أو الواو للحال أي يودون أن يدفنوا في الأرض وهم لا يكتمون منه تعالى حديثاً ولا يكذبونه بقولهم والله ربنا ما كنا مشركين إذ روى أنهم إذا قالوا ذلك ختم الله على أفواههم فتشهد عليهم جوارحهم فيشتد الأمر عليهم فيتمنون أن تسوى بهم الأرض قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم "يدعى نوح يوم القيامة فيقول : لبيك وسعديك فيقول : هل بلغت؟ فيقول : نعم فيقال لأمته هل بلغكم؟ فتقول : ما جاءنا من نذير فيقول : من يشهدك لك؟ فيقول : محمد وأمته فيشهدون أنه قد بلغ ويكون الرسول عليكم شهيداً ثم يدعى غيره من الأنبياء عليهم السلام ثم ينادى كل إنسان باسمه واحداً واحداً وتعرض أعمالهم على رب العزة قليلها وكثيرها حسنها وقبيحها".
وذكر أبو حامد في كتاب "كشف علوم الآخرة" إن هذا يكون بعد ما يحكم الله تعالى بين البهائم ويقتص للجماء من القرناء ويفصل بين الوحوش والطير ثم يقول لهم : كونوا تراباً فتسوى بهم الأرض فحينئذٍ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ويتمنى الكافر فيقول : يا لبيتني كنت تراباً.


الصفحة التالية
Icon