جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٤٩
ـ روي ـ عنه عليه السلام أنه قال :"من قال : السلام عليكم كتب له عشر حسنات ومن قال السلام عليكم ورحمة الله كتب له عشرون حسنة ومن قال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كتب له ثلاثون حسنة" والمبتدىء بالسلام إن شاء يقول السلام عليكم وإن شاء يقول سلام عليكم لأن كل واحد من التعريف والتنكير وارد في ألفاظ القرآن قال الله تعالى :﴿وَالسَّلَـامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى﴾ ﴿وَسَلَـامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَىا﴾ ولكن التنكير أكثر والكل جائز.
وأما التحليل من الصلاة فلا بد فيه من الألف واللام
٢٥١
بالاتفاق ومعنى الجمع في السلام عليكم الخطاب إلى الرجل والملكين الحافظين معه فإنهما يردان السلام ومن سلم عليه الملك فقد سلم من عذاب الله تعالى ﴿أَوْ رُدُّوهَآ﴾ أي : ردوا مثلها وأجيبوا به لأن رد عينها محال فحذف المضاف نحو ﴿وَسْـاَلِ الْقَرْيَةَ﴾ (يوسف : ٨٢).
قال في "الكشاف" : رد السلام ورجعه جوابه بمثله لأن المجيب يرد قول المسلم ويكرر.
ـ وروي ـ أن رجلاً قال لرسول الله صلى الله عليه وسلّم السلام عليك فقال :"عليك السلام ورحمة الله" وقال الآخر : السلام عليك ورحمة الله فقال :"وعليك السلام ورحمة الله وبركاته" وقال الآخر السلام عليك ورحمة الله وبركاته فقال :"وعليك" فقال الرجل نقصتني فأين ما قال الله وتلا الآية أي أين رد الأحسن المذكور في الآية فقال عليه السلام :"إنك لم تترك لي فضلاً فرددت عليك مثله" فيكون قوله عليه السلام وعليك أي وعليك السلام ورحمة الله وبركاته من قبيل رد المثل وجواب التسليم واجب وإنما التخيير بين الزيادة وتركها.
قال أبو يوسف : من قال لآخر اقرىء فلاناً مني السلام وجب عليه أن يفعل وإذا ورد سلام في كتاب فجوابه واجب بالكتاب للآية ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ حَسِيبًا﴾ الحسيب بمعنى المحاسب على العمل كالجليس بمعنى المجالس أي : أنه تعالى كان على كل شيء من أعمالكم سيما رد السلام بمثله أو بأحسن منه محاسباً مجازياً فحافظوا على مراعاة التحية حسبما أمرتم به.
فالجمهور على أن الآية في السلام فالسنة أن يسلم الراكب على الماشي وراكب الفرس على راكب الحمار والصغير على الكبير والقليل على الكثير ويسلم على الصبيان وهو أفضل من تركه.
قال في "البستان" وبه نأخذ ويسلم على أهل بيته حين يدخله فإن دخل بيتاً ليس فيه أحد فليقل السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فإن الملائكة ترد عليه السلام ويسلم على القوم حين يدخل عليهم وحين يفارقهم أيضاً فمن فعل ذلك شاركهم في كل خير عملوه بعده.
قال القرطبي : ولا يسلم على النساء الشابات الأجانب خوف الفتنة من مكالمتهن بنزغة شيطان أو خائنة عين.
وأما السلام على المحارم والعجائز فحسن ويسلم على أهل الإسلام من عرف منهم ومن لم يعرف.
ولا يسلم على لاعب النرد والشطرنج والمغنى والقاعد لحاجته ومطير الحمام والعاري في الحمام وغيره.
قال ابن الشيخ في "حواشيه" ومن دخل الحمام ورأى الناس متزرين يسلم عليهم وإن لم يكونوا متزرين لا يسلم عليهم لأنه لا يسلم على المشتغل بمعصية انتهى لكن قال الإمام الغزالي في "الأحياء" : لا يسلم عند الدخول أي في الحمام وإن سلم عليه لم يجب بلفظ السلام بل يسكت إن أجاب غيره وإن أحب أن يجيب قال : عافاك الله ولا بأس أن يفتتح الداخل ويقول : عافاك الله لابتداء الكلام انتهى ولا يرد في الخطبة وتلاوة القرآن جهراً ورواية الحديث وعند دراسة العلم والأذان والإقامة وكذا لا يرد القاضي إذا سلم عليه الخصمان وكذا لا يسلم القاضي على الخصوم إذا جلس للحكم لتبقى الهيبة وتكثر الحشمة وبهذا جرى الرسم بأن الولاة والأمراء لا بأس بأن لا يسلموا إذا دخلوا فالمحتسب لا يسلم على أهل السوق في طوافه للحسبة ليبقى على الهيبة.
وقال بعضهم : لا يسع القاضي والوالي والأمير ترك السلام إذا دخلوا لأنه سنة فلا يسعهم ترك السنة بسبب تقلد العمل وكذا المتصدق إذا سلم عليه السائل أو أن سؤاله لا يرد وكذا من له ورد من القرآن والدعوات فسلم عليه أحد في حال ورده لا يرد وكذا
٢٥٢
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٤٩