ـ وروي ـ عن النبي عليه السلام أنه قال :"كنت نوراً بين يدي ربي قبل خلق آدم بأربعة عشر ألف عام وكان يسبح ذلك النور وتسبح الملائكة بتسبيحه فلما خلق الله آدم ألقى ذلك النور في صلبه"، وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال :"لما خلق الله آدم اهبطني في صلبه إلى الأرض وجعلني في صلب نوح في السفينة وقذفني في صلب إبراهيم ثم لم يزل تعالى ينقلني من الأصلاب الكريمة والأرحام الطاهرة حتى أخرجني بين أبوي لم يلتقيا على سفاح قط" قال العرفي في قصيدته النعتية :
اين بس شرف كوهر نومنشى تقدير
آن روز كه بكذا شتى إقليم قدم را
تاحكم تزول تودرين دار نوشته است
صدره بعبث باز تراشيد قلم را
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٦١
وعن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه أنه ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم "لما اعترف آدم بالخطيئة قال : يا رب أسألك بحق محمد أن تغفر لي فقال الله : يا آدم كيف عرفت محمداً ولم أخلقه؟ قال : لأنك لما خلقتني بيدك ونفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوباً لا إله إلا الله محمد رسول الله فعرفت أنك لم تضف إلى اسمك إلا اسم أحب الخلق إليك فقال الله تعالى صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق إلي فغفرت لك ولولا محمد لما خلقتك" رواه البيهقي في "دلائله" ﴿لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ﴾ لا غير كما يقال الكرم هو التقوى نزلت في نصارى نجران وهم اليعقوبية القائلون بأنه تعالى قد يحل في بدن إنسان معين أو في روحه ﴿قُلْ﴾ يا محمد تبكيتاً لهم إن كان الأمر كما تزعمون ﴿فَمَنِ﴾ استفهامية إنكارية ﴿يَمْلِكُ﴾ الملك الضبط والحفظ التام عن حزم أي يمنع ﴿مِنَ اللَّهِ﴾ أي : من قدرته وإرادته ﴿شَيْـاًا﴾ وحقيقته فمن يستطيع أن يمسك شيئاً منها ﴿إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّه وَمَن فِى الارْضِ جَمِيعًا﴾ احتج بذلك على فساد قولهم وتقريره أن المسيح مقدور مقهور قابل للفناء كسائر الممكنات ومن كان كذلك فهو بمعزل عن الألوهية وكيف يكون إلهاً من لا يقدر على دفع الهلاك
٣٧٠
عن نفسه ولا عن غيره والمراد بالإهلاك الأماتة والإعدام مطلقاً لا بطريق السخط والغضب ولعل نظم أمه في سلك من فرض إرادة إهلاكهم مع تحقق هلاكها قبل ذلك لتأكيد التبكيت وزيادة تقرير مضمون الكلام بجعل حالها أنموذجاً لحال بقية من فرض إهلاكه كأنه قيل قل فمن يملك من الله شيئاً إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض وقد أهلك أمه فهل مانعه أحد فكذا حال من عداها من الموجودين.
﴿وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا﴾ أي ما بين قطري العالم الجسماني لا بين وجه الأرض ومقعر فلك القمر فقط فيتناول ما في السموات من الملائكة وما في أعماق الأرض والبحار من المخلوقات وهو تنصيص على كون الكل تحت قهره تعالى وملكوته إثر الإشارة إلى كون البعض أي من في الأرض كذلك أي له تعالى وحده ملك جميع الموجودات والتصرف المطلق فيها إيجاداً وإعداماً وإحياء وإماتة لا لأحد سواه استقلالاً ولا اشتراكاً فهو تحقيق لاختصاص الألوهية به تعالى إثر بيان انتفائها عن كل ما سواه ﴿يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ﴾ أي : يخلق ما يشاء من أنواع الخلق والإيجاد على أن ما نكرة موصوفة محلها النصب على المصدرية لا على المفعولية كأنه قيل يخلق أي خلق يشاؤه فتارة يخلق من غير أصل كخلق السموات والأرض وأخرى من أصل كخلق ما بينهما فينشىء من أصل ليس من جنس كخلق آدم وكثير من الحيوانات ومن أصل يجانسه إما من ذكر وحده كخلق حواء أو أنثى وحدها كخلق عيسى أو منهما كخلق سائر الناس ويخلق بلا توسط شيء من المخلوقات كخلق عامة المخلوقات وقد يخلق بتوسط مخلوق آخر كخلق الطير على يد عيسى معجزة له وإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص وغير ذلك فينسب كل إليه تعالى لا إلى أمن أجري ذلك على يده.
﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ﴾ اعتراض تذييلي مقرر لمضمون ما قبله، وفي "المثنوي" :
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٦١
دامن او كير أي يار دلير
كومنزه باشد از بالا وزيرني و عيسى سوى كردون برشود
ني و قارون درزمين اندر رود
ربي الاعلاست ورد آن مهان