ـ روي ـ أن تميم بن أوس الداري وعدي بن زيد خرجا إلى الشام للتجارة وكانا حينئذٍ نصرانيين ومعهما بديل بن أبي مريم مولى عمرو بن العاص وكان مسلماً فلما قدما إلى الشام مرض بديل فكتب كتاباً فيه أسماء جميع ما معه وطرحه في درج الثياب ولم يخبرهما بذلك وأوصى إليهما بأن يدفعا متاعه إلى أهله ومات ففتشاه فوجدا فيه إناء من فضة وزنه ثلاثمائة مثقال منقوشاً بالذهب فغيباه ودفعا المتاع إلى أهله فأصابوا فيه الكتاب فقالوا لهما هل باع صاحبكما شيئاً من متاعه؟ قالا : لا قالوا فهل طال مرضه فانفق شيئاً على نفسه قالا لا إنما مرض حين قدم البلد فلم يلبث أن مات قالوا : فإنا وجدنا في متاعه صحيفة فيها تسمية متاعه وفيها إناء منقوش مموّه بالذهب وزنه ثلاثمائة مثقال قالا ما ندري إنما أوصى إلينا بشيء وأمرنا أن ندفعه إليكم ففعلنا وما لنا بالإناء من علم فرفعوهما إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فنزلت يا اأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا} فاستحلفهما بعد صلاة العصر عند المنبر بالله الذي لا إله إلا هو أنهما لم يخونا شيئاً مما دفع ولا كتما فحلفا على ذلك فخلى صلى الله عليه وسلّم سبيلهما ثم أنه وجد الإناء في مكة فقال من بيده : اشتريته من تميم وعدي وقيل لما طالت المدة أظهراه فبلغ ذلك بني سهل أولياء بديل فطلبوه منهما فقالا : كنا اشتريناه من بديل فقالوا : ألم نقل لكما هل باع صاحبنا من متاعه شيئاً فقلتما لا قالا ما كان لنا بينة فكرهنا أن نقربه فرفعوهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم فنزل قوله تعالى :﴿فَإِنْ عُثِرَ﴾ الآية فقام عمرو بن العاص والمطلب بن أبي وداعة السهميان فحلفا بالله بعد العصر أنهما كذبا وخانا فدفع الإناء إليهما.
واتفق العلماء على أن
٤٥٤
هذه الآية أشكل ما في القرآن إعراباً ونظماً وحكماً ﴿شَهَـادَةُ بَيْنِكُمْ﴾ أي : شهادة الخصومات الجارية بينكم فبين ظرف أضيف إليه شهادة على طريق الاتساع في الظروف بأن يجعل الظرف كأنه مفعول للفعل الواقع فيه فيضاف ذلك الفعل إليه على طريق إضافته إلى المفعول نحو يا سارق الليلة أي : يا سارق في الليلة وارتفاع الشهادة على أنها مبتدأ ﴿إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ﴾ أي : شارفه وظهرت علائمه ظرف للشهادة ﴿حِينَ الْوَصِيَّةِ﴾
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٤٤


الصفحة التالية
Icon