فرعبيند ديده ون احول بود قال في "المجالس المحمودية" : اعلم أن الصلاة أعظم الأعمال القالبية والصدقة خير العبادات المالية.
وروي أن فاطمة أعطت قميصها علياً ليشتري لها ما اشتهاه الحسن، فباعه بستة دراهم فسأله سائل فأعطاه إياها فاستقبله رجل ومعه ناقة فاشتراها على المدة بستين ديناراً ثم استقبله رجل فاشترى منه الناقة بستين ديناراً وستة دراهم، ثم طلب بائع الناقة ليدفع له ثمنها فلم يجده فعرض القصة على النبي عليه السلام فقال عليه السلام :"أما السائل فرضوان، وأما البائع فميكائيل وأما المشتري فجبرائيل" وفي الحديث :"يأتي يوم القيامة أربعة على باب الجنة بغير حساب، الحاج الذي حج البيت بغير إفساد، والشهيد الذي قتل في المعركة، والسخي الذي لم يلتمس بسخاوته رياء، والعالم الذي علم بعلمه فيتنازعون في دخول الجنة أولاً، فيرسل الله جبرائيل ليحكم بينهم بالعدل، فيقول للشهيد : ما فعلت في الدنيا حتى تريد أن تدخل الجنة أولاً؟ فيقول قتلت في المعركة لرضى الله تعالى، فيقول : ممن سمعت أن من قتل في سبيل الله يدخل الجنة، فيقول من العلماء فيقول احفظ الأدب ولا تتقدم على معلمك، ثم يسأل الحاج والسخي كذلك ثم يقول لهما احفظا الأدب ولا تتقدما على معلمكما، ثم يقول العالم إلهي أنت تعلم أني ما حصلت العلم إلا بسخاوة السخي وأنت لا تضيع أجر المحسنين، فيقول الله : صدق العالم يا رضوان افتح الباب وأدخل السخي أولاً" وفي ذلك إشارة إلى أن المراد بالعالم هو الذي يعمل بعلمه فإن الإنصاف من شأنه إذ الإنصاف لا يحصل إلا بصلاح النفس، ولا يمكن ذلك إلا بالعمل فلا يغترّ أهل الهوى من علماء الظاهر بذلك فإن كون العلم المجرد منجياً مذهب فاسد، فإن العالم الفاجر أشد عذاباً من الجاهل بل العالم هو الذي يعمل بعلمه ويصل إلى العرفان بتصفية القلب ولا شك أن كون المذكورين في الآية مؤمنين حقاً بسبب خدمتهمتعالى بأنفسهم وأموالهم تجردهم عن العلائق البدنية والمالية وبقائهم مع الله تعالى وإيثارهم له على جميع ما سواه حتى على أنفسهم فمن آثر الحق على ما سواه، فقد وصل إلى أقصى مراداته فلا بد أن الله تعالى يدبر أمره ويقضي حاجاته.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣١١
﴿كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ﴾ المراد بإخراج الله تعالى إياه كونه سبباً آمراً له بالخروج وداعياً إليه فإن جبرائيل عليه السلام أتاه وأمره بالخروج.
﴿مِنا بَيْتِكَ﴾ في المدينة ﴿بِالْحَقِّ﴾ حال من مفعول أخرجك أي أخرجك ملتبساً بالحق، وهو إظهار دين الله وقهر أعداء الله والكاف في محل الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره هذه الحال، وهي قسمة غنائم بدر بين الغزاة على السواء من غير تفرقة بين الشبان المقاتلين وبين الشيوخ الثابتين تحت الرايات كحال إخراجك يعني أن حالهم في كراهتهم لما رأيت فإن في طبع المقاتلة شيئاً من الكراهة لهذه القسمة مع كونها حقاً كحالهم في كراهتهم لخروجك للحرب وهو حق.
﴿وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَـارِهُونَ﴾ أي : والحال أن فريقاً منهم كارهون للخروج إما لنفرة الطبع عن القتال أو لعدم الاستعداد.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣١٤
قال سعدى لبى المفتي : الظاهر أن المراد هي الكراهة الطبيعية التي لا تدخل تحت القدرة والاختيار فلا يرد أنها لا تليق بمنصب
٣١٤