قال في بحر العلوم : أي عظة يتعظ بها ذووا العقول بعدهم فلا يجترئون على نحو ما أخبر هؤلاء من أسباب بأس الله والإهلاك بل يجتنبون عن مثلها، لأنهم إن أتوا بمثلها يترتب على فعلهم مثل ذلك الجزاء ويسعون في أسباب النصرة والنجاة إذا سمعوا بحال الأمم الماضية وهوأنهم على الله.
والحاصل أن في قصص أخوة يوسف فكرة وتدبرا لأولى الألباب وذلك أن من قدر على اعزاز يوسف وتمليكه مصر بعد ما كان عبداً لبعض أهلها قادر على أنيعز محمداً وينصره.
قال الكاشفي :(سلمى از جعفر صادق نقل ميكند كه مراد از أولى الألباب أرباب اسرارست س اعتبار ازين قصها أرباب أسرار باشد وحقائق الكلام در آيينه دل بي غل ايشان روى نمايد)
ولى در يابد أسرار معاني
كه روشن شد بنور جاوداني
ما كان القرآن وما ذكر فيه حديثاً يفترى يتقوله بشر ولكن تصديق الذي بين يديه أي ولكن كان تصديق ما تقدمه من الكتب السماوية المنزلة على الأنبياء ودليل صحتها ؛ لأنه معجزة وتلك ليست بمعجزات فهي مفتقرة إلى شهادته على صحة ما فيها افتقار المجتمع
٣٣٣
عليه إلى شهادة الحجة.
وتفصيل كل شيء وتبيين كل شيء من أمور الدين لاستنادها كلها إليه على التفصيل أو الإجمال إذ ما من أمر منها إلا وهو مبتنى على الكتاب والسنة أو الإجماع أو القياس والثلاثة الأخيرة مستندة إليه بوسط أو بغير وسط.
وهدى من الضلالة ورحمة من العذاب لقوم يؤمنون من آمن وأيقن وانتصاب الأربعة بعد لكن للعطف على خبر كان.
واعلم أن القرآن جامع لجميع المراتب، ففيه تفصيل ظاهر الدين وباطنه.
فالأول للمؤمن بالإيمان الرسمي البرهاني، والثاني للمؤمن بالإيمان الحقيقي العياني، وأيضاً هو هدى على العموم والخصوص ورحمة من عذاب جهنم وعذاب الفرقة والقطيعة، فإن من اهتدى إلى أنواره واطلع على أسراره دخل جنة الذوق والحضور والشهود وأمن من بلاء البشرية والوجود ولله تعالى عباد، لهم تجلى حقائق الآفاق ثم تجلى حقائق الأنفس ثم تجلى حقائق القرآن، فهذه نسخ ثلاث لا بد للواصل من تلاوة آياته وأصل تلك النسخ الثلاثة ومبدأها نسخة حقائق الرحمن وإلى تلك النسخ الأربع الإشارة بالكتب الأربعة الإلهية.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٣٣
فعلى العاقل أن يتعظ بمواعظ القرآن، ويهتدي إلى حقائقه، ويتخلق بأخلاقه، ولا يقتصر على تلاوة نظمه وأنشد ذو النون المصري.
منع القرآن بوعده ووعيده
مقل العيون بليلها لا تهجع
فهموا عن الملك العظيم كلامه
فهما تذل له الرقاب وتخضع
اللهم اجعل القرآن خلق الجنان وسائر الأركان
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٣٣