يقول الفقير : الوجه الثاني أوجه عندي، لأن الإقامة في الجنة من شأن كل مؤمن كاملاً كان أو ناقصاً وأما الإقامة في جنة عدن فإنما هي من شأن المؤمن الكامل وليس الكمال إلا بإتيان هذه الخصال الثمان وليس كل أحد يكفل بمؤونتها ويتصف بها إلا من هداه الله من الخواص ومن صلح من آبائهم عطف على المرفوع في يدخلونها وإنما ساغ للفصل بالضمير.
قال في بحر العلوم وآبائهم جمع أبوي كل واحد منهم، كأنه قيل من آبائهم وأمهاتهم والمعنى إنه يلحق بهم الصلحاء من أبويهم وأزواجهم جمع زوج.
بالفارسية (زن) ويقال للمرأة الزوج والزوجة والزوج أفصح.
وذرياتهم أولادهم وإن لم يبلغوا مبلغ فضلهم تبعاً لهم وتعظيماً لشأنهم وتكميلاً لفرحهم.
ويقال من أعظم سرورهم أن يجتمعوا فيتذاكروا أحوالهم في الدنيا ثم يشكروا الله على الخلاص منها، والفوز بالجنة، وهو دليل على أن الدرجة تعلو بالشفاعة فإنه إذا جاز أن تعلو بمجرد التبعية للكاملين في الإيمان تعظيماً لشأنهم فلان تعلو بشفاعتهم أولى والتقييد بالصلاح دليل على أن النسب المجرد لا ينفع قيل :
أتفخر باتصالك من عليّ
وأصل البولة الماء القراح
وليس بنافع نسب زكي
يدنسه صنائعك القباح
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٦٥
أصل را اعتبار ندان نيست
روى تركل زخار خندان نيست
مى زغوره شود شكرازنى
عسل از نحل حاصلست بقى
والملائكة يدخلون عليهم من كل باب من أبواب المنازل فإنه يكون لمقامهم ومنازلهم أبواب فيدخلون عليهم من كل باب ملك.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٦٥
﴿سَلَـامٌ عَلَيْكُمْ﴾ في موقع الحال، لأن المعنى قائلين سلام عليكم يعني سلمكم الله من العذاب سلامة وما تخافون منه وفي الحديث : إن للعبد من أهل الجنة لسبعين ألف قهرمان إذ الملائكة يحبونه ويسلمون عليه ويخبرونه بما أعد الله تعالى.
قال مقاتل : يدخلون عليهم في مقدار يوم وليلة من أيام الدنيا ثلاث كرات معهم الهدايا والتحف من الله يقولون سلام عليكم بشارة لهم بدوام السلامة بما صبرتم أي هذه الكرامة العظمى بسبب صبركم في الدنيا على الفقر وملازمة الطاعة، تلخيصه تعبتم ثمة فاسترحتم هنا (در اخبار آمده كه حضرت رسالت عليه السلام بلال را كفت نان فقيركن كه بخداي رسى نه غنى)
كانجا فقرا از همه مقبولترند
وعن أنس رضي الله عنه قال : بعث الفقراء إلى رسول الله رسولاً فقال
٣٦٧
يا رسول الله إني رسول الفقراء إليك فقال : مرحباً بك جئت من عند قوم هم أحب إلي فقال يا رسول الله إن الفقراء يقولون لك إن الأغنياء قد ذهبوا بالخير كله، هم يحجون ولا نقدر عليه ويتصدقون ولا نقدر عليه، ويعتقون ولا نقدر عليه وإذا مرضوا بعثوا بفضل أموالهم ذخراً لهم فقال عليه السلام : بلغ الفقراء عني آن لمن صبر واحتسب منهم ثلاث خصال ليس للأغنياء منها شيء.
أما الخصلة الأولى فإن في الجنة غرفاً من ياقوت أحمر ينظر إليها أهل الجنة كما ينظر أهل الدنيا إلى النجوم لا يدخلها إلا نبي فقير، أو شهيد فقير أو مؤمن فقير.
والخصلة الثانية يدخل الفقراء الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم وهو مقدار خمسمائة عام.
والخصلة الثالثة إذ قال الفقير : سبحان الله والحمدولا إله إلا الله والله أكبر مخلصاً وقال الغني مثل ذلك لم يلحق الغنى بالفقير في فضله وتضاعف الثواب وإن أنفق الغني معها عشرة آلاف درهم وكذلك أعمال البر كلها فرجع الرسول إليهم وأخبرهم بذلك فقالوا رضينا يا رب فنعم عقبى الدار المخصوص بالمدح محذوف أي فنعم عقبى الدار جنات عدن، واللام في الدار للجنس لا غير كما في بحر العلوم وقد وعدهم الله بثلاثة أمور الأول الجنة والثاني أن يضم إليهم من آمن من أهلهم ولم يعملوا مثل عملهم والثالث دخول الملائكة عليهم من كل باب مبشرين لهم بدوام السلامة.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٦٧


الصفحة التالية
Icon