والحكمة في تأخير خلق آدم ليكون خليفة في الأرض لأن الأشياء قبله بمنزلة الرعية في مملكة الكون ولا يكون خليفة إلا بالجنود والرعية فتقدم الرعية على الخليفة تشريف وتكريم للخلافة.
واعلم : أن أول فلك دار بالزمان قلب الميزان وفيه حدثت الأيام دون الليل والنهار فكان أول حركته بالزمان وأما حدوث الليل والنهار فبحدوث الشمس في السماء الرابعة ودورانها على طريقة واحدة من الشرق إلى الغرب كذا في "عقلة المستوفز" وأول المخلوقات من الأيام هو يوم الأحد فالأحد فيه بمعنى الأول فلما أوجد الله الثاني سمى الاثنين لأنه ثاني يوم الأحد وأول الأيام التي خلق فيها الخلق السبت وآخر الأيام الستة إذا الخميس فالجمعة سابع والسبت بمعنى الراحة زعم اليهود إنه اليوم السابع الذي استراح فيه الحق من خلق السموات والأرض وما فيهن وكذبوا لقوله تعالى :﴿وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ﴾ (ق : ٣٨) أي : أعياء فيكون أول الأسبوع عندهم يوم الأحد وكذا عند النصارى ولذا اختاروه.
وقد سئل عليه السلام عن يوم السبت فقال :"يوم مكر وخديعة" لأن قريشاً مكرت فيه في دار الندوة ولا يقطع اللباس يوم السبت والأحد والثلاثاء.
قال حضرة الشيخ صدر الدين القنوى ـ ـ قدس سره ـ ـ الملابس إذا فصلت وخيطت في وقت رديء اتصل بها خواص رديئة وكذا الأمر في باب المآكل والمشارب وكذلك ما ورد التنبيه عليه في الشريعة من شؤم المرأة والفرس والدار وشهدت بصحته التجارب المكررة فإن لجميع هذه في بواطن أكثر الناس بل وفي ظواهرهم أيضاً خواص مضرة تتعدى من بدن المغتذى والمباشر والمصاحب إلى نفسه وأخلاقه وصفاته فيحدث بسببها للقلوب والأرواح تلويثات هي من أقسام النجاسات وقد نبهت الشريعة على كراهتها دون الحكم عليها بالحرمة.
وسئل حضرة مولانا قدس سره عما ورد "بارك الله في السبت والخميس" فقال : بركتهما لوقوعهما جارين ليوم الجمعة.
وسئل عليه السلام عن يوم الأحد فقال :"يوم غرس وعمارة" لأن الله تعالى ابتدأ فيه خلق الدنيا وعمارتها وفي رواية "بنيت الجنة فيه وغرست".
وسئل عن يوم الاثنين فقال :"يوم سفر وتجارة" لأن فيه سافر شعيب فربح في تجارته.
وسئل عن يوم الثلاثاء فقال :"يوم دم" لأن فيه حاضت حواء وقتل ابن آدم أخاه وقتل فيه رجيس وزكريا ويحيى ولده وسحرة فرعون وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون وبقرة بني إسرائيل ونهى النبي عليه السلام عن الحجامة يوم الثلاثاء أشد النهي وقال :"فيه ساعة لا يرقأ فيها الدم" أي : لا ينقطع إذا احتجم أو فصد وربما يهلك الإنسان بعد انقطاع الدم "وفيه نزل إبليس إلى الأرض وفيه خلقت جهنم وفيه سلط الله ملك الموت على أرواح بني آدم وفيه
ابتلى أيوب".
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٧
وقال بعضهم : ابتلى في يوم الأربعاء.
قيل كان الرسم في زمن أبي حنيفة رحمه الله إن يوم البطالة يوم السبت في القراءة لا يقرأ في يوم السبت ثم في زمن الخصاف كان متردداً بين الاثنين والثلاثاء ومات الخصاف ببغداد سنة إحدى وستين ومائتين.
يقول الفقير : ثم صار يوم البطالة يوم الثلاثاء والجمعة واستمر إلى يومنا هذا في أكثر البلاد.
وكان شيخي العلامة أبقاه الله بالسلامة يعد الدرس فيهما إفراطاً ويقول يعرض للإنسان من الاشتغال فتور وانقباض فلا بد من يوم البطالة ليصل نشاط وانبساط لئلا ينقطع الطالب عن تحصيل المطلوب ومن هنا أبيح ورخص التفرج والتبسط أحياناً ولو للسالك.
وسئل عن يوم الأربعاء قال :"يوم نحس" لأن فيه أغرق فرعون وقومه وأهلك فيه عاد وثمود وقوم صالح ونهى فيه عن قص الأظفار لأنه يورث البرص، وكره بعضهم عيادة المريض يوم الأربعاء.
وفي "منهاج الحليمي" إن الدعاء مستجاب يوم الأربعاء بعد الزوال قبل وقت العصر لأنه عليه السلام استجيب له الدعاء على الأحزاب في ذلك اليوم في ذلك الوقت قيل يحمد فيه الاستحمام.
وذكر إنه ما بدىء شيء يوم الأربعاء إلا وقد تم فينبغي البداءة بنحو التدريس فيه.
وكان صاحب "الهداية" يتوقف في ابتداء الأمور على الأربعاء ويروى هذا الحديث ويقول هكذا كان يفعل أبي ويرويه عن شيخه أحمد بن عبد الرشيد.
وسئل عليه السلام عن يوم الخميس "فقال يوم قضاء الحوائج والدخول على السلطان" ؛ لأن فيه دخل إبراهيم عليه السلام على ملك مصر فقضى حاجته وأهدى إليه هاجر.


الصفحة التالية
Icon