مبين حقير كدايان عشق را كين قوم
شهان بي كمر وخسروان بي كلهند
غلام همت دردى كشان يك رنكيم
نه زين كروه كه ازرق ردا ودل سيهند
أتنهينا معنى الهمزة الإنكار، أي : أتمنعنا من أن نعبد ما يعبد آباؤنا أي : عبدوه والعدل إلى صيغة المضارع لحكاية الحال الماضية وإننا من قال : أنا أسقط النون الثانية من أن دون كناية المتكلمين نا وهو المختار لفي شك مما تدعونا إليه من التوحيد وترك عبادة الأوثان مريب موقع في الريبة أي : قلق النفس وانتفاء الطمأنينة.
يعني :(كمانى كه نفس را مضطرب ميسازد ودل آرام نمى دهد وعقل را شوريده مى كرداند) من أرابه أي :
١٥٥
اوقعه في الريبة وإسناد الأرابة إلى الشك وهو أن يبقى الإنسان متوقفاً بين النفي والإثبات مجازي، لأن الريب هو انتفاء ما يرجح أحد طرفي النسبة أو تعارض الأدلة لا نفس الشك.
وقال سعدي المفتي : يجوز أن يعتقدوا أن الشك يوقع في القلق والاضطراب فيكون الإسناد حقيقياً وإن كان الموقع عند الموحدين هو الله تعالى.
قال صالح يا قوم أرأيتم أي : أخبروني إن كنت في الحقيقة على بينة حجة ظاهرة وبرهان وبصيرة من ربي مالكي ومتولي أمري وآتيني منه من جهته رحمة نبوة وإنما أتى بحرف الشك مع أنه متيقن أنه على بينة وأنه نبي لأن خطابه للجاحدين وهو على سبيل الفرض والتقدير كأنه قال : افرضوا وقدروا أني على بينة من ربي وأني نبي بالحقيقة وانظروا إن تابعتكم وعصيت ربي فيما أمرني فمن ينصرني من الله أي : فمن يمنعني من عذاب الله فيه تضمين ينصر معنى يمنع، وتقدير المضاف قبل اللفظة الجليلة.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٥٥
وقال في الإرشاد : فمن ينصرني منجياً من عذابه تعالى.
إن عصيته في تبليغ رسالته والنهي عن الإشراك به.
فما تزيدونني إذا باستتباعكم إياي كما ينبى عنه قولهم قد كنت فينا مرجوا قبل هذا أي ألا تفيدونني إذ لم يكن فيه أصل الخسران حتى يزيدوه غير تخسير أي : غير إن تجعلوني خاسراً بإبطال أعمالي وتعريضي لسخط الله تعالى، أو فما تزيدونني بما تقولون لي وتحملوني عليه غير إن أنسبكم إلى الخسران، وأقول لكم إنكم لخاسرون فالزيادة على معناها وصيغة التفعيل للنسبة يقال : فسقه وفجره إذا نسبه إلى الفسق والفجور فكذا خسره إذا نسبه إلى الخسران.
وفي الآية : إشارة إلى أن لا رجوع عن الحق بعدما استبان فإنه ماذا بعد الحق إلا الضلال والخذلان والخسران.
قال أحد المشايخ في وقته : أبو عبد الله الشيرازي قدس سره رأيت رسول الله في المنام وهو يقول من عرف طريقاً إلى الله فسلكه، ثم رجع عنه عذبه الله بعذاب لم يعذب به أحداً من العالمين.
وقال الجنيد قدس سره : لو أقبل صديق على الله ألف سنة ثم أعرض عنه لحظة فإن ما فاته أكثر مما ناله.
وفي شرح التجليات البيعة لازمة إلى أن يلقى الله تعالى، ومن نكث الاتباع فحسبه جهنم خالداً فيها لا يكلمه الله ولا ينظر إليه وله عذاب أليم، هذا كما قال أبو سليمان الداراني قدس سره : حظه في الآخرة.
وأما الدنيا فقد قال أبو يزيد البسطامي قدس سره في حق تلميذه لما خالفه : دعوا من سقط من عين الله فرؤى بعد ذلك مع المخنثين وسرق فقطعت يده، هذا لما نكث أين هو ممن وفى بيعته مثل تلميذ الداراني قيل له ألق نفسك في التنور فألقى نفسه فعاد عليه برداً وسلاماً وهذا نتيجة الوفاء.
واعلم أن المبايع في الحقيقة وهو معطي البيعة هو الله تعالى لكن خلق الوسائط والوسائل ليسهل الأخذ والعهد فجعل الأنبياء والشيوخ الورثة والسلاطين اللاحقين بالشيوخ مبايعين فهم معصومون محفوظون لا يأمرون بمعصية أصلاً ولا يتصور منهم نكث العهد قطعاً فبقي الاتباع فمن لزم منهم الباب استسعد بحسن المآب ومن رجع القهقري ونعوذ بالله أذله الله وأخزاه.
وفي المثنوى :
مرسكانرا ون وفا آمد شعار
روسكانرا ننك بدنامى ميار
بي وفائي ون سكانرا عار بود
بي وفائي ون روا دارى نمود
١٥٦
فعلى العاقل أن لا يكون في تردد وشك مما دعا إليه الأنبياء والأولياء من التوحيد وحقائقه بل يتبع الحق إلى أن يصل إلى دقائقه فإن الترد والشك من أوصاف الكفرة، والقلق والاضطراب من أحوال الفجرة :
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٥٥
اين تردد عقبه راهحقست
اي خنك آنراكه ايش مطلقست
بى ترد مى رود برراه راست
ره نمى دانى بجو كامش كجاست
كام آهورا بكيرو رومعاف
تارسى ازكام آهو تابناف
كركران وك شتابنده بود
عاقبت جوينده يابنده بود
وقد رأينا في زماننا أشخاصاً يطلبون شيوخاً ورثة هم على بينة من ربهم فلا يجدونهم لأن في الطلب ضعفاً وترددا وفي الاعتقاد والهمة توزعاً وتفرقا، فإذا لم يكن الطالب على بصيرة من الأمر لا يجد أهل البصيرة، وإن كانوا نصب عينيه بل تزداد خسارته ونعم ما قيل الشمس شمس وإن لم يرها الضرير ألا ترى إلى طغاة الأمم السالفة كيف أنكروا الأنبياء مع ظهور حججهم وبراهينهم للهم إنا نسألك العصمة والتوفيق.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٥٥