بالقوة والغلبة ورتبة الفرع بالضعف والعجز والذلة ويقوم النظام ويدوم الانتظام من غير أن يظهر التجاوز والتعدي من طرف مرتبة التبعية إلى رتبة الاستقلالية عند المقابلة والمقاومة بل يطرد الارتفاع والاعتلاء والاستيلاء على الوجه الأوفق والحد الأحق في طرف الأصالة ويستمر الأمر في نفسه إلى ما شاء الله خالق البرية ثم مرتبة القمر إشارة إلى المراتب الإلهية إلى مرتبة الربوبية ومرتبة الشمس إلى مرتبة الألوهية وفي المراتب الكونية الآفاقية مرتبة القمر إشارة إلى مرتبة الكرسي واللوح ومرتبة الشمس إشارة إلى مرتبة العرش والقلم وفي مراتب الكونية الأنفسية مرتبة القمر إشارة إلى مرتبة الروح ومرتبة الشمس إشارة إلى مرتبة السر وغير ذلك من الإشارات القرآنية
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٣٤
﴿لِّتَبْتَغُوا﴾ متعلق بقوله : وجعلنا آية النهار أي : لتطلبوا لأنفسكم في بياض النهار ﴿فَضْلا مِّن رَّبِّكُمْ﴾ أي : رزقاً وسماه فضلاً لأن إعطاء الرزق لا يجب على الله وإنما يفيضه بحكم الربوبية وفي التعبير عن الكسب بالابتغاء دلالة على أن ليس للعبد في تحصيل الرزق تأثير سوى الطلب ﴿وَلِتَعْلَمُوا﴾ متعلق بكلا الفعلين أي : لتعلموا باختلاف الجديدين أو ميزهما ذاتاً من حيث الإظلام والإضاءة مع تعاقبهما وسائر أحوالهما ﴿عَدَدَ السِّنِينَ﴾ التي يتعلق بها غرض علمي لإقامة مصالحكم الدينية والدنيوية ﴿وَالْحِسَابَ﴾ أي : الحساب المتعلق بما في ضمنها من الأوقات أي : الأشهر والليالي والأيام وغير ذلك مما نيط به شيء من المصالح المذكورة ولولا ذلك لما علم أحد حسبان الأوقات ولتعطلت أمور كثيرة.
والحساب إحصاء ما له كمية منفصلة بتكرير أمثاله من حيث يتحصل بطائفة معينة فيها حد معين منه له اسم خاص وحكم مستقل والعد : إحصاؤه بمجرد تكرير أمثاله من غير أن يتحصل منه شيء كذلك فالسنة تتحصل بعدة شهور والشهر بعدة أيام واليوم بعدة ساعات.
والسنين جمع سنة وهي شمسية وقمرية فالسنة الشمسية مدة وصول الشمس إلى النقطة التي فارقتها من ذلك البرج وذلك ثلاثمائة وخمسة وستون يوماً وربع يوم والسنة القمرية اثنا عشر شهراً قمرياً ومدتها ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوماً وثلث يوم قالوا : إن أقر العنين أنه لم يصل أجله الحاكم سنة قمرية في الصحيح وبحسب فدية الصلاة بالسنة الشمسية أخذاً بالاحتياط من غير اعتبار ربع اليوم ففدية كل فرض من الحنطة خمسمائة درهم وعشرون درهماً وللوتر كذلك فيكون فدية كل صلاة يوم وليلة من الحنطة ثلاثة آلاف درهم ومائة وعشرين درهماً وفدية كل سنة شمسية مائة واثنان وأربعون كيلاً بكيل القسطنطينية وسبع أوقية ويكون قيمة هذا المقدار من الحنطة محسوبة بالحساب الجاري بين الناس في كل عهد وزمان ﴿وَكُلَّ شَىْءٍ﴾ تفتقرون إليه في المعاش والمعاد وهو منصوب بفعل يفسره قوله تعالى :﴿فَصَّلْنَـاهُ تَفْصِيلا﴾ أي : بيناه في القرآن بياناً بليغاً لا التباس معه فأزحنا عللكم وما تركنا لكم حجة علينا فليتبع العاقل ما أدركه أي : لحقه علمه وليفوض ما جهله منه إلى العلم.
وفيه إشارة إلى أن العالم إذا تدبر في القرآن وقف على جميع المهمات وكان الصحابة رضي الله عنهم يكرهون أن يمضي يوم ولم ينظروا في مصحف لأن النظر إليه عبادة.
وفيه أيضاً وقوف على المرام فإن التدبر يؤدي إلى ظهور خفايا الكلام.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٣٤
ـ حكي ـ
١٣٩
أن الإمام محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة دخل على أبي حنيفة لتعلم الفقه قال : استظهرت القرآن يا بني قال : لا قال : استظهر أوّلاً فغاب سبعة أيام ثم رجع إلى أبي حنيفة فقال : ألم أقل لك استظهر قال : استظهرت.
قال الشافعي رضي الله عنه : بت عنده ليلة فصليت إلى الصبح واضطجع هو إلى الصبح فاستنكرت ذلك منه فقام وصلى ركعتي الفجر من غير توضىء فقلت له في ذلك فقال : أظننت أني نمت كلا استخرجت من كتاب الله نيفاً وألف مسألة فأنت عملت لنفسك وأنا عملت للأمة أو إنما اضطجعت لأن صفاء خاطري في تلك الحالة.
وهذه الصورة سرّ ما قال حضرت الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر سبب اضطجاع الأنبياء على ظهورهم عند نزول الوحي إليهم أن الوارد الإلهي الذي هو صفة القيومية إذا جاءهم اشتغل روح الإنسان عن تدبيره فلم يبق للجسم من يحفظ عليه قيامه ولا قعوده فرجع إلى أصله وهو لصوقه بالأرض.
ثم إن في القرآن تفصيلاً لأهل العبارة وأهل الإشارة، وفي "المثنوي" :
تو زقر آن اي سر ظاهر مبين
ديو آدم را نبيند غير طين
ظاهر قرآن و شخص آدميست
كه نقوشش ظاهر وجانش خفيست
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٣٤


الصفحة التالية
Icon