فعلى العاقل أن يكرر ذكر التوحيد ويجدد العهد الذي بينه وبين ذي العرش المجيد فإنه سبب المغفرة والترقي إلى درجات الأبرار والمقربين كما لا يخفى على أرباب اليقين.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما لما خلق الله العرش وهو أعظم مخلوق اضطرب أربعة وعشرين ألف عام فأظهر الله أربعة وعشرين حرفاً وهو قول :"لا إله إلا الله محمد رسول الله" فسكن أربعة وعشرين ألف عام حتى خلق الله أول خلق وأمره بالتوحيد فقال : لا إله إلا الله محمد رسول الله فاضطرب العرش فقال الله اسكن فقال : كيف اسكن وأنت لا تغفر لقائلها فقال تعالى : أسكن فإني آليت على نفسي قبل أن خلقتك بألفي عام أن لا أجريها على لسان عبد إلا غفرت له" نسأل الله العفو والغفران.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٦٠
﴿أَهْوَآءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَـاوَاتُ وَالارْضُ وَمَن فِيهِنَّ﴾ التسبيح تنزيه الحق وتبعيده عن نقائص الإمكان والحدوث وتسبيح السموات والأرض بلسان الحال الدال علي وجود الخالق وقدرته وحكمته وتسبيح من فيهن من الملائكة والجن والإنس بلسان القال الناطق بما يسمع منهم على أن المراد بالتسبيح معنى منتظم لما ينطق به لسان المقال ولسان الحال بطريق عموم المجاز وهو الاشتمال على ما يدل على التنزيه فإنه مشترك بين اللفظ الدال عليه وبين مثل الحدوث والإمكان الدال على تنزيه الله تعالى عن لوازم الإمكان وتوابع الحدوث
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٦٢
﴿وَأَنْ﴾ نافية أي : ما ﴿مِن شَىْءٍ﴾ من الأشياء حيواناً كان أو نباتاً يدل على الصانع وقدرته وحكمته فإنها تنطق بذلك.
قال الكاشفي :(تنزيه ميكند اورا ازسمات نقصان وستايش مينمايد بصفات كمال) ﴿إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدَه وَلَـاكِن لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾ الفقه عبارة عن فهم غرض المتكلم من كلامه أي : لا تفهمون أيها المشركون لإخلالكم بالنظر الصحيح الذي به يفهم التسبيح وهم وإن كانوا
١٦٢