﴿وَتَحْسَبُهُمْ﴾ تظنهم والخطاب فيه كما في ترى ﴿أَيْقَاظًا﴾ متنبهين جمع يقظ بفتح القاف وكسرها وهو اليقظان ومدار الحسبان انفتاح عيونهم على هيئة الناظر ﴿وَهُمْ رُقُودٌ﴾ نيام جمع راقد مثل بكيا وجثيا في سورة مريم جمع باك وجاث والأصل بكوى وجثوى على وزن رقود (در كشف الأسرار آلأرده كه اين حال نموداركار جوانمردان طريقتست ون بظواهر ايشان درنكرى بيني كه جلوه كراند در ميدان أعمال وون سرائر ايشان دريابى بيني كه ازهمه فارغند در بوستان لطف ذو الجلال بباطن مست وبظاهر هشيار بمعنى بيكار وبصورت دركار).
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٢٤
ظاهري با اين وآن درساخته
باطني از جمله وابرد اخته
﴿وَنُقَلِّبُهُمْ﴾ في رقدتهم بأيدي الملائكة ﴿ذَاتَ الْيَمِينِ﴾ نصب على الظرفية أي : جهة تلي إيمانهم ﴿وَذَاتَ الشِّمَالِ﴾ أي : جهة تلي شمائلهم كيلا تأكل الأرض ما يليها من أبدانهم على طول الزمان قال أبو هريرة رضي الله عنه : كانت لهم تقلبتان في السنة.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما تقلبة واحدة من جانب إلى جانب لئلا تأكل الأرض لحومهم وذلك في يوم عاشوراء وتعجب منه الإمام وقال : إن الله قادر على حفظهم من غير تقليب وأجاب عنه سعدي المفتي بقوله : لا ريب في قدرة الله ولكن تعالى جعل لكل شيء سبباً في أغلب الأحوال انتهى.
قال بعض الكبار : الميل إلى اليمين عند النفي حين التلفظ بكلمة الشهادة وإلى اليسار عند الإثبات مأخوذ من هذه الآية الشريفة.
قال في "التأويلات النجمية" : فيه إشارة لطيفة وهي أن المريد الذي يربيه الله
٢٢٥
بلا واسطة المشايخ يحتاج إلى أن يكون كالميت بين يدي الغسال مسلماً نفسه بالكلية إليه مدة ثلاثمائة سنة وتسع سنين حتى يبلغ مبلغ الرجال والمريد الذي يربيه الله بواسطة المشايخ لعله يبلغ مبلغ الرجال البالغين بخلوة أربعين يوماً أو خلوتين أو خلوات معدودة وذلك أن هؤلاء خلفاء الله بواسطة المشايخ وصورة لطفه كما أن الأشجار في الجبال تربى بلا واسطة فلا تثمر كما تثمر الأشجار في البساتين بواسطة الدهاقين وتربيتهم.
زمن اي دوست اين يك ندبذير
برو فتراك صاحب دولتي كير
كه قطره تا صدف را درنيايد
نكردد كوهر و روشن نتابد
﴿وَكَلْبُهُم﴾ هو كلب راع قد تبعهم على دينهم واسمه قطمير ﴿بَـاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ﴾ حكاية حال ماضية ولذلك أعمل اسم الفاعل وعند الكسائي وهشام وأبي جعفر من البصريين يجوز إعماله مطلقاً والذراع من المرفق إلى رأس الأصبع الوسطى ﴿بِالْوَصِيدِ﴾ أي : بموضع الباب من الكهف.
قال في "القاموس" الوصيد الفناء والعتبة انتهى.
قال السدي الكهف لا يكون له عتبة ولا باب وإنما أراد أن الكلب منه موضع العتبة من البيت.
ـ روي ـ أنه يدخل الجنة مع المؤمنين على ما قال مقاتل عشرة من الحيوانات تدخل الجنة ناقة صالح وعجل إبراهيم وكبش إسماعيل وبقرة موسى وحوت يونس وحمار عزير ونملة سليمان وهدهد بلقيس وكلب أصحاب الكهف وناقة محمد صلى الله عليه وسلّم فكلهم يصيرون على صورة كبش ويدخلون الجنة ذكره في "مشكاة الأنوار"، قال الشيخ سعدي قدس سره :
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٢٤
سك أصحاب كهف روزى ند
ى نيكان كرفت ومردم شد
يعني :(بامردمان داخل جنت شد درصورت كبش.
ودر تفسير إمام ثعلبي مذكوراست كه هركه درشبانروز بر حضرت نوح عليه السلام درود فرستد از كدم ضرري بوى نرسد وهركه اين كلمات ﴿وَكَلْبُهُم بَـاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ﴾ نوشته باخود دارد از سك متضرر نكردد).
قال في "حياة الحيوان" أكثر أهل التفسير على أن كلب أهل الكهف كان من جنس الكلاب.
ـ وروي ـ عن ابن جريج أنه قال : كان أسداً ويسمى الأسد كلباً لأن النبي عليه السلام دعا على عتبة ابن أبي لهب أن يسلط الله عليه كلباً من كلابه فأكله الأسد والكلب نوعان أهلي وسلوقي نسبة إلى سلوق وهي مدينة باليمن ينسب إليها الكلاب السلوقية فإنه يكون فيها كلاب طوال يصيدون بها.
ومن بلاغات الزمخشري السوقية والكلاب السلوقية سواء يعني أن السوقية لما فيهم من سوء الخلق ورداءة المعاملة والكلاب السلوقية متساويتان وكلا النوعين في الطبع سواء وفي طبعه الاحتلام وتحيض إناثه.
قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : كلب أمين خير من صاحب خوان.
وكان للحارث بن صعصعة ندماء لا يفارقهم وكان شديد المحبة لهم فخرج في بعض منتزهاته ومعه ندماؤه فتخلف منهم واحد فدخل على زوجته فأكلا وشربا ثم اضطجعا فوثب الكلب عليهما فقتلهما فلما رجع الحارث إلى منزله فوجدهما قتيلين عرف الأمر فأنشد يقول :
وما زال يرعى ذمتي ويحوطني
ويحفظ عرسي والخليل يخون
فيا عجباً للخل تحليل حرمتي
ويا عجباً للكلب كيف يصون
وفي "عجائب المخلوقات" : أن شخصاً قتل شخصاً بأصفهان وألقاه في بئر وللمقتول كلب يرى ذلك فكان يأتي كل يوم إلى رأس البئر وينحى التراب عنها ويشير وإذا رأى القاتل نبح
٢٢٦


الصفحة التالية
Icon