﴿إِنَّهُمْ﴾ أي : ليبالغ في التلطف وعدم الإشعار لأنهم ﴿إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ﴾ أي : يطلعوا عليكم ويظفروا بكم والضمير للأهل المقدر في أيها ﴿يَرْجُمُوكُمْ﴾ يقتلوكم بالرجم وهو الرمي بالحجارة إن ثبتم على ما أنتم عليه وهو أخبث القتلة وكان من عادتهم ﴿أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِى مِلَّتِهِمْ﴾ أي : يصيروكم إلى ملة الكفر أو يدخلوكم فيها كرهاً من العود بمعنى الصيرورة كقوله تعالى :﴿أَوْ لَتَعُودُنَّ فِى مِلَّتِنَا﴾ (الأعراف : ٨٨) وقيل : كانوا أولاً على دينهم فآمنوا.
يقول الفقير : هذا هو الصواب لقوله تعالى :﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ ءَامَنُوا بِرَبِّهِمْ﴾ وذلك لأنه لو لم يكن إيمانهم حادثاً لقيل أنهم فتية مؤمنون وإيثار كلمة في على كلمة إلى للدلالة على الاستقرار الذي هو أشد شيء عندهم كراهة ﴿وَلَن تُفْلِحُوا إِذًا﴾ أي : إن دخلتم فيها ولو بالكره والإلجاء لن تفوزوا بخير ﴿أَبَدًا﴾ لا في الدنيا ولا في الآخرة لأنكم وإن كرهتم ربما استدرجكم الشيطان بذلك إلى الإجابة حقيقة والاستمرار عليها.
وفي "التأويلات النجمية" : العجب كل العجب أنهم لما كانوا ثلاثمائة سنة وتسع سنين في مقام عندية الحق خارجين من عنديتهم ما احتاجوا إلى طعام الدنيا وقد استغنوا
٢٢٩
عن الغذاء الجسماني بما نالوا من الغذاء الروحاني كما كان حال النبي صلى الله عليه وسلّم كان يواصل الأيام ويقول :"أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني" فلما رجعوا من عندية الحق إلى عندية نفوسهم قالوا :﴿فَابْعَثُوا﴾ الخ ففي طلبهم أزكى طعاماً إشارة إلى أرباب الوصول وأصحاب المشاهدة لما شاهدوا ذلك الجمال والبهاء وذاقوا طعم الوصال وجدوا حلاوة الإنس وملاطفات الحبيب فإذا رجعوا إلى عالم النفوس تطالبهم الأرواح والقلوب بأغذيتهم الروحانية فيتعللون بمشاهدة كل جميل لأن كل جمال من جمال الله وكل بهاء من بهاء الله ويتوصلون بلطافة الأطعمة إلى تلك الملاطفات كما قالوا :﴿فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ﴾ أي : في الطعام ﴿وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا﴾ وفيه إشارة إلى الاحتراز عن شعور أهل الغفلة بأحوال أرباب المحبة فإن لهم في النهاية أحوالاً كأنها كفر عند أهل البداية كما قال أبو عثمان المغربي قدس سره إرفاق العارفين باللطف وإرفاق المريدين بالعنف ﴿إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ﴾ يعني : أهل الغفلة ﴿يَرْجُمُوكُمْ﴾ بالملامة فيما يشاهدون منكم يا أهل المعرفة من وسعة الولاية وقوتها واستحقاق التصرف في الكونين وانعدام تصرفهما فيكم فإنهم بمعزل عن بصيرة يشاهدون بها أحوالكم فمن قصر نظرهم يطعنون فيكم :
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٢٨
عشق درهر دل كه سازد بهر دردت خانه
اول از سنك ملامت افكند بنياداو
﴿أَوْ﴾ يريدون أن ﴿يُعِيدُوكُمْ فِى مِلَّتِهِمْ﴾ وهي عبادة أصنام الهوى وطواغيت شهوات الدنيا وزينتها فإن رجعتم إليها فلن تفلحوا إذاً أبداً.
يقول الفقير : اعلم أنه لا يخلو الأعصار من مثل دقيانوس الجبار صورة ومعنى فمن أراد السلامة في بدنه ودينه وعمله واعتقاده وعرضه فليجدها في الوحدة والاعتزال عن الناس والإيواء إلى كهف البيت والذهول عن أحوال الناس صغيرهم وكبيرهم رفيعهم ووضيعهم كالنائم فإنه مسلوب الحس لا يدري ما الدنيا وما فيها لغموض العينين لا يفرق بين سواد وبياض وإن ادعى أحد أنه بحر لا يتغير فذلك غرور محض لأن عدم التغير لا يحصل إلا للمنتهي ففي الاختلاط ضرر كثير وهو كالرضاع يغير الطباع وغايته موافقة أهل الهوى طوعاً أو كرهاً نعوذ بالله من ذلك ونسأله الحفظ من الوقوع في المهالك ونرجو منه الفلاح الأبدي والخلاص السرمدي.
﴿وَكَذَالِكَ﴾.
قال الكاشفي :(يمليخاكه بعقل كامل موصوف بود وصيتها قبول نموده روى بشهر نهاد وبدروازه رسيد أوضاع رن را متغير ديد وون بشهر درآمد بازار ومحلات وأشكال وألوان مردم بر نمطى ديكر يافت حيرى بروى غلبه كرد آخر الأمر بدكان خباز آمد ودرمى از آنه همراه داشت بوى داد تادر عوض نان واى زوى ديد منقش بنام دقيانوس خيال بست كه اين مرد كنجى يافته آن زررا ببازارى ديكر بديكرى نمود بيك لحظه اين خبر دربازار منتشر شده بشحنه رسيد ويمليخارا طلبيدة تهديدى عظيم نمود وطلب باقي زرها كرد يمليخا كفت من كنجى نيافته ام دى روز اين زررا ازخانه در برداشته ام وأمر وزببازار آورده ام نام درش رسيدند وون كفت كسى از اهل شهر ندانست ويراتكذيب نمودند واو ازغايت دهشت كفت مرايش دقيانوس بريدكه او ازمهم من آكاهى دارد مردمان آغاز استهزا كردندكه دقيانوس
٢٣٠