والإشارة ﴿يُنَزِّلُ الملائكة بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ﴾ أي : بالوحي وبما يحيي القلوب من المواهب الربانية من أمره أي : من أمر الله وأمره على وجوه منها ما يرد على الجوارح بتكاليف الشريعة ومنها ما يرد على النفوس بتزكيتها بالطريقة ومنها ما يرد على الأرواح بملازمة الحضرة للمكاشفات ومنها ما يرد على الخفيات بتجل الصفات لإفناء الذوات ﴿عَلَى مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾ من الأنبياء والأولياء ﴿أَنْ أَنذِرُوا أَنَّه لا إله إِلا أَنَا﴾ أي : اعلموا أوصاف وجودكم يبذلها في أنانيتي أن لا إله إلا أنا ﴿فَاتَّقُونِ﴾ أي : فاتقوا عن أنانيتكم بأنانيتي كذا في "التأويلات النجمية".
قال شيخي وسندي روحه الله روحه في بعض تحريراته المتقى إما أن يتقي بنفسه عن الحق سبحانه وإما بالحق عن نفسه والأول هو الاتقاء بإسناد النقائص إلى نفسه عن إسنادها إلى الحق سبحانه فيجعل نفسه وقايةتعالى والثاني هو الاتقاء بإسناد الكمالات إلى الحق سبحانه عن إسنادها إلى نفسه فيجعل الحق سبحانه وقاية لنفسه والعدم نقصان والوجود كمال فاتقوا الله حق تقاته بأن تضيفوا العدم إلى أنفسكم مطلقاً ولا تضيفوا الوجود إليها أصلاً وتضيفوا الوجود إلى الله مطلقاً ولا تضيفوا العدم إليه أصلاً فإن الله تعالى موجود دائماً أزلاً وأبداً سرمداً لا يجوز في حقه العدم أصلاً ونفوسكم من حيث هي هي معدومة دائماً وأزلاً وأبداً وسرمداً لا يجوز في حقها الوجود أصلاً وطريان الوجود عليها من حيث فيضان الجود الوجودي عليها من الحق تعالى لا يوجب وجودها أصلاً من حيث هي هي عند هذا الطريان على عدمها الأصلي من حيث هي دائماً مطلقاً فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا واطيعوا انتهى كلام الشيخ.
كر تويى جملة در فضاي وجود
هم خود انصاف ده بكو حق كو
در همه اوست يش شم شهود
يست نداري هستيء من وتو
اك كن جامي ازغبار دويى
لوح خاطر كه حق يكيست نه دو
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢
﴿خَلَقَ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضَ﴾ أي : الأجرام العلوية والآثار السفلية.
يقال قبل أن يخلق الله الأرض كان موضع الأرض كله ماء فاجتمع الزبد في موضع الكعبة فصارت ربوة حمراء كهيئة التل وكان ذلك يوم الأحد ثم ارتفع بخار الماء كهيئة الدخان حتى انتهى إلى موضع السماء وما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام كما بين المشرق والمغرب فجعل الله درة خضراء فخلق منها السماء فلما كان يوم الاثنين خلق الشمس والقمر والنجوم ثم بسط الأرض من تحت الربوة ﴿بِالْحَقِّ﴾ أي : بالحكمة والمصلحة لا بالباطل والعبث ونعم ما قيل :
إنما الكون خيال
وهو حق في الحقيقة
ويقال : جعل الله الأرواح العلوية والأشباح السفلية مظاهر أفاعيله فهو الفاعل فيما يظهر على الأرواح والأشباح ﴿تَعَـالَى﴾ وتقدس.
وبالفارسية (بر ترست خداي تعالى وبزركثر) ﴿عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ عن شركة ما يشركونه به من الباطل الذي لا يبدىء ولا يعيد فينبغي للسالك أن يوحد الله تعالى ذاتاً وصفة وفعلاً فإن الله تعالى هو الفاعل خلق حجاب الوسائط لا بالوسائط بل بالذات فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً وهو ما أريد به وجه الله ولا يشرك بعبادة ربه أحداً وقيل للمرائي مشرك :
مرايى هركسي معبود سازد
مرايى را ازان كفتند مشرك
﴿خَلَقَ الانسَـانَ﴾ أي : بني آدم لا غير لأن أبويهم لم يخلقا من النطفة بل خلق آدم من التراب وحواء من الضلع الأيسر منه ﴿مِن نُّطْفَةٍ﴾ قال في "القاموس" : النطفة ماء الرجل.
والمعنى بالفارسية (از آب منى كه جماديست بي حس وحركت وفهم وهيولائي كه وضع وشكل نذيرد س اورافهم وعقل داد) ﴿فَإِذَا هُوَ﴾ (س آنكاه او) أي : الإنسان بعد الخلق وأتى بالفاء إشارة إلى سرعة نسيانهم ابتداء خلقهم ﴿خَصِيمٌ﴾ بليغ الخصومة شديد الجدل ﴿مُّبِينٌ﴾ أي : مظهر للحجة أو ظاهر لا شبهة في زيادة خصومته وجدله يعني :(مناظره ميكند وميخواهدكه سخن خودرا بحجت ثابت سازد).
قال في "التكملة" : الظاهر أن الآية على العموم وقد حكى المهدوي أن المراد به أبي بن خلف الجمحي فإنه أتى النبي صلى الله عليه وسلّم بعظم رميم فقال : يا محمد أترى الله تعالى أي : أتظن أن الله يحيى هذا بعد ما قد رمّ فنزلت ومثلها الآية التي في آخر سورة يس وفيه نزلت يعني :(او در اول جمادي بوده وما اورا حس ونطق داديم اكنون باما مجادلة ميكند را استدلال نمي كند بابداء بر عاده كه هركه برابداء قادر بود هر آيينه برين نيز قدرت دارد).
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٦


الصفحة التالية
Icon