وفي "التأويلات النجمية" :﴿وَنَزَعَ يَدَهُ﴾ أي يد قدرته ﴿فَإِذَا هِىَ بَيْضَآءُ﴾ مؤيدة بالتأييد الإلهي منورة بنور ربي يبطش ﴿لِلنَّـاظِرِينَ﴾ أي : لأهل النظر الذين ينظرون بنور الله فإن النور يرى.
﴿قَالَ﴾ فرعون ﴿لِلْمَلا﴾ أي لأشراف قومه حال كونهم مستقرين ﴿حَوْلَهُ﴾ فهو ظرف وضع موضع الحال وقد سبق معناه.
والملأ جماعة يجتمعون على رأي فيملؤون العيون رواء والنفوس جلالة وبهاء ﴿إِنْ هَـاذَآ﴾ (بدرستي كه اين مرد) يعني موسى.
﴿لَسَـاحِرٌ عَلِيمٌ﴾ فائق في علم السحر.
وبالفارسية (جاوييست دانا واستاد فرعون ترسيدكه كسان وي بموسى إيمان آرند حيله انكيخت وكفت اين جاد وييست كه درفن سحر مهارتي تمام دارد) "يريد" إلخ والسحر تخيلات لا حقيقة لها فالساحر المحتال المخيل بما لا حقيقة له وجه الجمع بين هذا وبين قوله في الأعراف : قال الملأ من قوم فرعون حيث أسند القول بالساحرية إليهم أن فرعون قاله لحاضرين والحاضرون قالوه للغائبين كما في "كشف الأسرار".
﴿يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُم﴾ من أرض مصر ويتغلب عليكم ﴿بِسِحْرِهِ﴾ (بجادويىء خود) ﴿فَمَاذَا تَأْمُرُونَ﴾ (س ه فرماييد مراشما دركار أو واشارت كنيد).
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٧٠
قال في "كشف الأسرار" : هي من المؤامرة لا من الأمر وهي المشاورة وقيل للتشاور ائتمار لقبول بعضهم أمر بعض فيما أشار به أي ماذا تشيرون به عليّ في دفعه ومنعه قهره سلطان المعجزة وحيره حتى حطه عن دعوى الربوبية إلى مقام مشاورة عبيده بعد ما كان مستقلاً بالرأي والتدبير وأظهر استشعار الخوف من استيلائه على ملكه ونسبة الإخراج والأرض إليهم لأجل تنفيرهم عن موسى.
﴿قَالُوا﴾ أي الملأ ﴿أَرْجِهْ وَأَخَاهُ﴾ يقال : أرجه أخر الأمر عن وقته كما في "القاموس" أي أخر أمر موسى وأخيه هارون حتى تنظر ولا تعجل بقتلهما قبل أن يظهر كذبهما حتى لا يسيء عبيدك الظن بك وتصير معذوراً في القتل.
﴿وَابْعَثْ﴾ (وبرانكيز وبفرست) ﴿فِى الْمَدَآاـاِنِ﴾ في الأمصار والبلدان وأقطار مملكتك.
وبالفارسية (درشهرها مملكت خود).
وفي "فتح الرحمن" : هي مدائن الصعيد من نواحي مصر.
﴿حَـاشِرِينَ﴾ أي : شرطاً يحشرون الناس ويجمعونهم فحاشرين صفة لموصوف محذوف هو مفعول ابعث والشرط
٢٧١
جمع شرطة بالضم وسكون الراء وفتحها وهي طائفة من أعوان الولاة معروفة كما في "القاموس" والشرط بالفتح العلامة ومنه سمي الشرط لأنهم جعلوا لأنفسهم علامة يعرفون بها.
﴿يَأْتُوكَ﴾ (تابيارتندترا) أي : الحاشرون.
﴿بِكُلِّ سَحَّارٍ﴾ (هرجانيك جادوييست) ﴿عَلِيمٌ﴾ (دانا وبرسر آمد درفن سحر) أي فيعارضوا موسى بمثل سحره بل يفضلوا عليه ويتضح للعامة كذبه فتقتله حينئذ.
وهذا تدبير النفس وإلقاء الشيطان في دفع الحق الصريح وكل تدبير هكذا في كل عصر فصاحبه مدبر البتة وإنما يجيء خبث القول والفعل من خبث النفس إذ كل إناء يترشح بما فيه ولو ترك فرعون وقومه التدبير في أمر موسى وقابلوه بالقبول لسلموا من كل آفة لكن منعهم حب الجاه عن الانتباه وحبك الشيء يعمي ويصم وإنما أخلدوا إلى الأرض غفلة الباقية الحاصلة بالإيمان والإطاعة والاتباع : وفي "المثنوي" :
تخت بندست آنكه تختش خوانده
صدر نداري وبردر مانده
ادشاهان جهان از بدركي
بونبردند از شراب بندكي
ورنه ادهم وار سركردان ودنك
ملك را برهم زدندي بي درنك
ليك حق بهر ثبات اين جهان
مهرشان بنهاد برشم ودهان
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٧٠
تاشود شيرين بريشان تخت وتاج
كه ستانيم ازجهانداران خراج
از خراج ارجمع آرى زروريك
آخر آن ازتو بماند مرده ريك
همره جانب نكردد ملك وزر
زربده سرمه ستان بهر نظر
تابينني كين جهان اهيست تنك
يوسفانه آن رسن آرى بنك
هست دراهن انعكاسات نظر
كمترين آنكه نمايد سنك زر
وقت بازي كودكانرا زاختلال
مي نمايد اين خزفها زرّ ومال
﴿فَجُمِعَ السَّحَرَةُ﴾ أي : بعث فرعون الشرط في المدائن لجمع السحرة فجمعوا وهم اثنان وسبعون أو سبعون ألفاً كما يدل عليه كثرة الحبال والعصي التي خيلوها وكان اجتماعهم بالإسكندرية على ما رواه الطبري.
﴿لِمِيقَـاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ﴾ الميقات الوقت المضروب للشيء أي لما وقت به وعين من ساعات يوم معين وهو وقت الضحى من يوم الزينة وهو يوم عيد لهم كانوا يتزينون ويجتمعون فيه كل سنة ـ روي ـ ـ عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه وافق يوم السبت في أول يوم من السنة وهو يوم النيروز وهو أول يوم من فرودين ماه ومعنى نيروز بلغة القبط طلع الماء أي علا ماء النيل وبلغة العجم نوروز أي اليوم الجديد وهو أول السنة المستأنفة عندهم وإنما وقت لهم موسى وقت الضحى من يوم الزينة في قوله :﴿قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى﴾ (طه : ٥٩) ليظهر الحق ويزهق الباطل على رؤوس الأشهاد ويشيع ذلك في الأقطار واختاره فرعون أيضاً ليظهر كذب موسى بمحضر الجمع العظيم فكان ما كان.


الصفحة التالية
Icon