﴿وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَآاـاِظُونَ﴾ (بخثم لاندكان) والغيظ أشد الغضب وهو الحرارة التي يجدها الإنسان من ثوران دم قلبه.
والمعنى لفاعلون ما يغيظنا ويغضبنا بمخالفتهم ديننا وذهابهم بأموالنا التي استعاروها بسبب أن لهم عيداً في هذه الليلة وخروجهم من أرضنا بغير إذن منا وهم منخرطون في سلك عبادنا.
﴿وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَـاذِرُونَ﴾ يقال للمجموع جمع وجميع وجماعة، والحذر : احتراز عن مخيف يريد أن بني إسرائيل لقلتهم وحقارتهم لا يبالي بهم ولا يتوقع علوهم وغلبتهم ولكنهم يفعلون أفعالاً تغيظنا وتضيق صدورنا ونحن جمع وقوم من عادتنا التيقظ والحذر واستعمال الحزم في الأمور فإذا خرج علينا خارج سار عنا إلى إطفاء نائرة فساده قاله فرعون لأهل المدائن لئلا يظن به أنه خاف من بني إسرائيل.
وقال بعضهم :﴿حَـاذِرُونَ﴾ يعني :(سلاح وارانيم ودانندكان مراسم حرب تعريض است با رنكه قوم موسى نه سلاح ت مام دارند ونهبعلم حرب دانا ند) فإن الحاذر يجيء بمعنى المتهيىء والمستعد كما في "الصحاح".
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٧٤
﴿فَأَخْرَجْنَـاهُم﴾ أي فرعون وقومه بأن خلقنا فيهم داعية الخروج بهذا السبب فحملتهم عليه يعني أنهم وإن خرجوا باختيارهم إلا أنه أسند الإخراج إليه تعالى إسناداً مجازياً من حيث الخلق المذكور.
﴿مِّن جَنَّـاتٍ﴾ بساتين كانت ممتدة على حافتي النيل.
﴿وَعُيُونٍ﴾ من الماء.
قال الراغب : يقال لمنبع الماء عين تشبيهاً بالعين الجارحة لما فيها من الماء.
قال في "كشف الأسرار" : وعيون أي أنهار جارية.
وقال الكاشفي :(وازشمه سارها).
﴿وَكُنُوزٍ﴾ (وازكنجها) يعني : الأموال الظاهرة من الذهب والفضة ونحوهما سماها كنزاً لأن ما لايؤدي منه حق الله فهو كنز وإن كان ظاهراً على وجه الأرض وما أدى منه فليس بكنز وإن كان تحت سبع أرضين والكنز المال المجموع المحفوظ.
والفرق بينه وبين الركاز والمعدن أن الركاز المال المركوز في الأرض مخلوقاً كان أو موضوعاً والمعدن ما كان مخلوقاً والكنز ما كان موضوعاً.
قال في "خريدة العجائب" : وفي أرض مصر كنوز كثيرة ويقال : إن غالب أرضها ذهب مدفون حتى قيل : إنه ما فيها موضع إلا وهو مشغول من الدفائن.
﴿وَمَقَامٍ كَرِيمٍ﴾ يعني المنازل الحسنة والمجالس البهية.
وقال السهيلي في كتاب "التعريف والأعلام" : في الفيوم من أرض مصر في قول طائفة من المفسرين ومعنى الفيوم ألف يوم كما في "التكملة" وهي مدينة عظيمة بناها يوسف الصديق عليه السلام ولها نهر يشقها ونهرها من عجائب الدنيا وذلك أنه متصل بالنيل وينقطع
٢٧٧
أيام الشتاء وهو يجري في سائر الزمان على العادة ولهذه المدينة ثلاثمائة وستون قرية عامرة كلها مزارع وغلال.
ويقال : إن الماء في هذا الوقت قد أخذ أكثرها وكان يوسف جعلها على عدد أيام السنة فإذا أجدبت الديار المصرية كانت كل قرية منها تقوم بأهل مصر يوماً وبأرض الفيوم بساتين وأشجار وفواكه كثيرة رخيصة وأسماك زائدة الوصف وبها من قصب السكر كثير.
﴿كَذَالِكَ﴾ أي مثل ذلك الإخراج العجيب أخرجناهم فهو مصدر تشبيهي لأخرجنا.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٧٤
وقال أبو الليث : كذلك أي هكذا أفعل بمن عصاني.
﴿وَأَوْرَثْنَـاهَا بَنِى إِسْرَاءِيلَ﴾ أي : مكنا تلك الجنات والعيون والكنوز والمقام إياهم على طريقة مال المورث للوارث كأنهم ملكوها من حين خروج أربابها منها قبل أن يقبضوها ويتسلموها.
وبالفارسية (وميراث داديم باغ وبستان وكنج وجاريهاي إيشان فرزندان يعقوب راه فول آنست كه بني إسرائيل بعد از هلاك فرعونيان بمصر آمده همه أموال قبطية را بحيطه تصرف آوردند وأصح آنست كه درزمان دولت داود عليه السلام بر ملك استيلا يافته متصرف جهان مصريان شدند) كما قال الطبري : إنما ملكوا ديار آل فرعون ولم يدخلوها لكنهم سكنوا الشام ـ ـ القصة ـ (فرعون ششصد هزار سواربر مقدمه لشكر روان كرد وششصد هزاربر ميمنه تعيين كردوششصد هزار بر ميسره نامزد فرمود وششصد هزار درساقه لشكر مقرر كرد وخود باخلق بيشمار در قلب قرار كرفت يكي لشكر سرا غرق جوشن شده درموج ون درياي آهن وشم دلبرا ن ركين وخونريز بقصد خون دم تيفها تيز).
﴿فَأَتْبَعُوهُم﴾ بقطع الهمزة يقال : أتبعه إتباعاً إذا طلب الثاني اللحوق بالأول وتبعه تبعاً إذا مر به ومضى معه.
والمعنى فأردنا إخراجهم وإيراث بني إسرائيل ديارهم فخرجوا فلحقوا موسى وأصحابه.
﴿مُّشْرِقِينَ﴾ يقال : أشرق وأصبح وأمسى وأظهر إذا دخل في الشروق والصباح والمساء والظهيرة.
والمعنى حال كونهم داخلين في وقت شروق الشمس أي طلوعها على أنه حال إما من الفاعل أو من المفعول أو منهما جميعاً لأن الدخول المذكور قائم بهم جميعاً.
قال الكاشفي :(يعني بهنكام طلوع آفتاب ببني إسرائيل رسيدند ودران زمان لشكر موسى بكناره درياي قلزم رسيدند تدبير عبور ميكردندكه ناكاه أثر فعونيان بديد آمد).
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٧٤


الصفحة التالية
Icon