﴿قِيلَ لَهَا ادْخُلِى الصَّرْحَ﴾ الصرح القصر وكل بناء عال سمي بذلك اعتباراً بكونه صرحاً من الشوب أي خالصاً فإن الصرح بالتحريك الخالص من كل شيء.
﴿فَلَمَّا رَأَتْهُ﴾ (س ون بديد قصر را در حالتي كه آفتاب برآن تافته بود وآب صافي مينمود وماهيانرا ديد).
﴿حَسِبَتْهُ لُجَّةً﴾ اللجة معظم الماء.
وفي "المفردات" : لجة البحر تردد أمواجه.
وفي "كشف الأسرار" : اللجة الضحضاح من الماء وهو الماء اليسير أو إلى الكعبين وأنصاف السوق أو ما لا غرق فيه كما في "القاموس".
والمعنى : ظنت أنه ماء كثير بين يدي سرير سلميان.
وبالفارسية :(نداشت كه آب رف است ندانست كه آب درزير ابكينه است) فأرادت أن تدخل في الماء.
﴿وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا﴾ تثنية ساق وهي ما بين الكعبين كعب الركبة وكعب القدم أي تشمرت لئلا تبتل أذيالها فإذا هي أحسن الناس ساقاً وقدماً خلا أنها شعراء.
﴿قَالَ﴾ لها سليمان : لا تكشفي عن ساقيك.
﴿إِنَّهُ﴾ أي : ما توهمته ماء ﴿صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ﴾ مملس مسوى.
بالفارسية (همواره ون روى آبكينه وشمشير) ومنه الأمرد لتجرده عن الشعر وكونه أملس الخدين وشجرة مرداء إذا لم يكن عليها ورق.
﴿مِّن قَوَارِيَرَ﴾ أي مصنوع من الزجاج الصافي وليس بماء جمع قارورة.
وبالفارسية (آكينه).
وفي "القاموس" : القارورة ما قر فيه الشراب ونحوه أو يخص بالزجاج.
﴿قَالَتْ﴾ حين عاينت تلك المعجزة أيضاً ﴿رَبِّ﴾ (أي روردكار من).
﴿إِنِّى ظَلَمْتُ نَفْسِى﴾ بعبادة الشمس.
﴿وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَـانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَـالَمِينَ﴾ فيه التفات إلى الاسم الجليل والوصف بالربوبية لإظهار معرفتها بألوهيته تعالى وتفرده باستحقاق العبودية وربوبيته لجميع الموجودات التي من جملتها ما كانت تعبده قبل ذلك من الشمس.
والمعنى : أخلصت له التوحيد تابعة لسليمان مقتدية به.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٥٣
وقال القيصري : أسلمت إسلام سليمان أي كما أسلم سليمان ومع في هذا الموضع كمع في قوله :﴿يَوْمَ لا يُخْزِى اللَّهُ النَّبِىَّ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا مَعَهُ﴾ إذ لا شك أن زمان إيمان المؤمنين ما كان مقارناً لزمان إيمان الرسل وكذا إسلام بلقيس ما كان عند إسلام سليمان فالمراد كما أنه آمن بالله آمنت بالله وكما أنه أسلم أسلمت انتهى.
ويجوز أن يكون مع ههنا واقعاً موقع بعد كما في قوله :﴿إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾.
واختلف في نكاح بلقيس فقيل : أنكحها سليمان فتى من أبناء ملوك اليمن وهو ذو تبع ملك همدان وتبع بلغة اليمن الملك المتبوع وذلك أن سلميان لما عرض عليها النكاح أبته وقالت : مثلي لا ينكح الرجال فأعلمها سليمان أن النكاح من شريعة الإسلام فقالت : إن كان ذلك فزوجني من ذي
٣٥٣
تبع فزوجه إياها ثم ردها إلى اليمن وسلط زوجها إذا تبع على اليمن ردعا زوبعة أمير جن اليمن فأمره أن يكون في خدمة ذي تبع ويعمل له ما استعمله فيه فصنع له صنائع باليمن وبنى له حصوناً مثل صرواح ومرواج وهندة وهنيدة وفلتوم (اين نام قلعها ست درزمين يمن كه شياطين آنرا بناكرده اندازبهر ذي تبع وامروز ازان هي براي نيست همه خراب كشته ونيست شده) وانقضى ملك ذي تبع وملك بلقيس مع ملك سليمان ولما مات سليمان نادى زوبعة يا معشر الجن قد مات سليمان فارفعوا رؤوسكم فرفعوها وتفرقوا.
والجمهور على أن سليمان نكحها لنفسه.
قال في "التأويلات النجمية" : في الآية دليل على أن سليمان أراد أن ينكحها وإنما صنع الصرح لتكشف عن ساقيها فرآها ليعلم ما قالت الشياطين في حقها أصدق أم كذب ولو لم يستنكحها لما جوز من نفسه النظر إلى ساقيها انتهى.
قال في "فتح الرحمن" : أراد سليمان تزوجها فكره شعر ساقيها فسأل الإنس ما يذهب هذه قالوا : الموسى فقال : الموسى يخدش ساقها فسأل الجن فقالوا : لا ندري ثم سأل الشياطين فقالوا : نحتال لك حتى تصير كالفضة البيضاء فاتخذوا النورة والحمام فكانت النورة والحمام من يومئذ.
ويقال : إن الحمام الذي ببيت المقدس بباب الأسباط إنما بني لها وأنه أول حمام بني على وجه الأرض.


الصفحة التالية
Icon