وفي الحديث :"إن الله يحب الفأل ويكره الطيرة" قال ابن الملك كان أهل الجاهلية إذا قصد واحد إلى حاجة وأتى من جانبه إلا يسر طير أو غيره يتشاءم به فيرجع هذا هو الطيرة ومعنى الآية تشاءمنا.
٣٥٥
﴿أَنتَ وَمَن مَّعَكَ﴾ في دينك حيث تتابعت علينا الشدائد (اين دعوت توشوم آمد برما) وكانوا قحطوا فقالوا : أصابنا هذا الشر من شؤمك وشؤم أصحابك وكذا قال قوم موسى لموسى وأهل أنطاكية لرسلهم ﴿قَالَ طَائرُكُمْ﴾ سببكم الذي جاء منه شركم ﴿عِندَ اللَّهِ﴾ وهو قدره أو عملكم المكتوب عنده.
وسمي القدر طائراً لسرعة نزوله ولا شيء أسرع من قضاء محتوم كما في "فتح الرحمن" : وبالفارسية :(قال شما أزخير وشر نزديك خداست يعني سبب محنت شما مكتوبست نزديك خدا بحكم أزلي وبجهت من متبدل نكردد).
قلم به نيك وبد خلق درازل رفتست
بكوفت وكوي خلائق كر نخواهدشد
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٥٥
﴿بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ﴾ تختبرون بتعاقب السراء والضراء أي الخير والشر والدولة والنكبة والسهولة والصعوبة أو تعذبون والإضراب من بيان طائرهم الذي هو مبدأ ما يحيق بهم إلى ذكر ما هو الداعي إليه يقال : فتنت الذهب بالنار أي اختبرته لأنظر إلى جودته واختبار الله تعالى إنما هو لإظهار الجودة والرداءة ففي الأنبياء والأولياء والصلحاء تظهر الجودة ألا ترى أن أيوب عليه السلام امتحن فصبر، فظهر للخلق درجته وقربه من الله تعالى وفي الكفار والمنافقين والفاسقين تظهر الرداءة.
حكي : أن امرأة مرضت مرضاً شديداً طويلاً فأطالت على الله تعالى في ذلك وكفرت ولذا قيل : عند الامتحان يكرم الرجل أو يهان.
خوش بود كرمحك تجربه آيد بميان
تاسيه روى شود هركه دروغش باشد
والابتلاء مطلقاً أي سواء كان في صورة المحبوب أو في صورة المكروه رحمة من الله تعالى في الحقيقة لأن مراده جذب عبده إليه فإن لم ينجذب حكم عليه الغضب في الدنيا والآخرة كما ترى في الأمم السالفة ومن يليهم في كل عصر إلى آخر الزمان.
ثم إن أهل الله تعالى يستوي عندهم المنحة والمحنة إذ يرون كلاً منهما من الله تعالى فيصفون وقتهم فيتوكلون ولايتطيرون ويحمدون ولا يجزعون ثم إن مصيبة المعصية أعظم من مصيبة غيرها وبلاء الباطن أشد من بلاء الظاهر.
قال ابن الفارسي رحمه الله :
وكل بلا أيوب بعض بليتي
مراده أن مرضي في الروح ومرض أيوب عليه السلام في الجسد مع أنه مؤيد بقوة النبوة فبلائي أشد من بلائه نسأل الله التوفيق والعافية.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٥٥
﴿وَكَانَ فِى الْمَدِينَةِ﴾ أي الحجر بكسر الحاء المهملة وهي ديار ثمود وبلادهم فيما بين الحجاز والشام.
﴿تِسْعَةُ رَهْطٍ﴾ أشخاص وبهذا الاعتبار وقع تمييزاً للتسعة لا باعتبار لفظه فإن مميز الثلاثة إلى العشرة مخفوض مجموع.
والفرق بينه وبين النفر أنه من الثلاثة أو من التسعة إلى العشرة ليس فيهم امرأة والنفر من الثلاثة إلى السعة وأسماؤهم حسبما نقل عن وهب هذيل بن عبد الرب وغنم بن غنم وياب بن مهرج ومصدع بن مهرج وعمير بن كردية وعاصم بن مخزمة وسبيط بن صدقة وسمعان بن صفي وقدار بن سالف.
وفي "كشف الأسرار" : أسماؤهم قدار بن سالف ومصدع بن دهر وأسلم ورهمي ورهيم ودعمي ودعيم وقبال وصداف وهم الذين سعوا في عقر الناقة وكانوا عتاة قوم صالح وكانوا من أبناء أشرافهم ثم وصف التسعة بقوله :﴿يُفْسِدُونَ فِى الأرْضِ﴾ في أرض الحجر بالمعاصي.
وفي "الإرشاد" : في الأرض لا في المدينة فقط وهو بعيد لأن العرض في نظائر هذه القصة إنما حملت على أرض
٣٥٦