عبيد وهم إخوة عاد وكان أخرجهم العماليق من يثرب فجاءهم سيل فأجحفهم، أي ذهب بهم فسميت جحفة فلما نزل اشتاق إلى مكة لأنها مولده وموطنه ومولد آبائه وبها عشيرته وحرم إبراهيم عليه السلام.
مشتاب ساريان كه مرا اي دركلست
بيروت شدن زمنزل أصحاب مشكلست
ون عاقبت زصحبت ياران بريدنست
يوند باكسي نكند هركه عاقلست
وقال :
فتنها دارانجمن يداشود از شورمن
ون مرادر خاطر آيد مسكن ومأواي دوست
فنزل جبريل عليه السلام فقال له : أتشتاق إلى مكة قال : نعم.
ممكن نشد شرح دهم اشتياق را
فأوحاها أي الآية إليه وبشره بالغلبة والظهور أي لرادك إلى مكة ظاهراً من غير خوف فلا تظن أنه يسلك به سبيل أبويك إبراهيم في هجرته من حران بلد الكفر إلى الأرض المقدسة فلم يعد إليها وإسماعيل من الأرض المقدسة إلى أقدس منها فلام يعد إليها.
قال الحافظ :
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٣٩
سروش عالم غيبم بشارتي خوش داد
كه كس هميشه بكيتي دم نخواهد ماند
قال ابن عطاء رحمه الله : إن الذي يسر عليك القرآن قادر على أن يردك إلى وطنك الذي ظهرت منه حتى تشاهد سرك على دوام أوقاتك كما قال في "تأويلات الكاشفي" :(معاد فنا في الله است دراحديت ذات وبقا بالله درمقام تحقق بجميع صفات وبرسالك متبصر انيجا سر منه بداوإلهي يعود روشن ميكرد
ون اوزبد اين وآنرا ابتدا
هم بدو بايدكه باشد انتها
نورها يي راكه كرداز حق طلوع
جمله راهم سوى أو باشدر جوع
ثم قرر الوعد السابق فقال :﴿قُل رَّبِّى أَعْلَمُ﴾ يعلم ﴿مَن جَآءَ بِالْهُدَى﴾ وما يستحقه من الثواب في المعاد والنصرة في الدنيا ﴿وَمَنْ هُوَ فِى ضَلَـالٍ مُّبِينٍ﴾ يريد به المشركين.
ودلت الآية على أن الله تعالى يفتح على المهتدي ويقهر الضال ولكل عسر يسر فسوف يراه من يصبر فلا ينبغي للعاقل أن ييأس من روح الله.
روي : أن رجلاً ركب البحر فانكسرت السفينة فوقع في جزيرة فمكث ثلاثة أيام لا يرى أحداً ولم يذق شيئاً فتمثل بقوله :
إذا شاب الغراب أتيت أهلي
وصار القير كاللبن الحليب
وصار البر مسكن كل حوت
وصار البحر مرتع كل ذيب
فسمع هاتفاً يهتف :
عسى الكرب الذي أمسيت فيه
يكون وراءه فرج قريب
فيأمن خائف ويفك عان
ويأتي أهله الرجل الغريب
قال : فما لبث ساعة إلا فرج الله عنه.
وفي تفسير الآية إشارة إلى أن حب الوطن من الإيمان وكان عليه السلام يقول كثيراً الوطن الوطن فحقق الله سؤله يقال : الإبل تحن إلى أوطانها وإن كان عهدها بعيداً والطير إلى وكره وإن كان موضعه مجدباً والإنسان إلى وطنه وإن كان غيره أكثر له
٤٤١
نفعاً وقدم أصيل الغفاري على رسول الله صلى الله عليه وسلّم قبل أن يضرب الحجاب فقالت له عائشة رضي الله عنها : كيف تركت مكة؟ قال : اخضر نباتها ابيض بطحاؤها وأغدق إذخرها واث سملها فقال عليه السلام :"حسبك يا أصيل لا تحزني" قال عمر رضي الله عنه : لولا حب الوطن لخرب بلد السوء فبحب الأوطان عمرت البلدان.
واعلم أن الميل إلى الأوطان وإن كان لا ينقطع عن الجنان لكن يلزم للمرء أن يختار من البقاع أحسنها ديناً حتى يتعاون بالإخوان.
قيل لعيسى عليه السلام من نجالس يا روح الله قال : من يزيد في علمكم منطقه ويذكركم الله رؤيته ويرغبكم في الآخرة عمله.
قال الشيخ سعدي قدس سره :
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٣٩
سعد يا حب وطن كره حديث است صحيح
نتوان مرد بسختي كه من اينجا زادم
وقال الحافظ :
ديار يار مرد مرا مقيد ميكند ورنه
ه جاي فارس كين محنت جهان بكسر نمي ازرد
والعاقل يختار الفراق عن الأحباب والأوطاق ولا يجترىء على الفراق عن الملك الديان :
لكل شيء إذا فارقته عوض
وليس إن فارقت من عوض
فاقطع الألفة عما سوى الله اختياراً قبل الانقطاع اضطراراً :
الفت ممكير همو ألف هي باكسى
تابسته الم نشوى وقت انقطاع
ذو النون مصري قدس سره :(ميكويد روزي دراثناي سفركه شهري رسيدم خواستم كه دراندرون شهر روم بردران شهر كوشكي ديدم وجوبي روان بنزيدك جوى رفتم وطهارت كردم ون شم بربام كوشك افتاد كنيزكي را ديدم ايستاده درغايت حسن وجمال ون نظر أو بمن افتاد كفت أي ذو النون من ترا ازدور ديدمنداشتم كه مجنوني وون طهارت كردي تصور كردم عالمي وون از طهارت فارغ شدي ويش آمدي نداشتم عارفي أكنون محقق شدم نه مجنوني نه عالمي ونه عارفي كفتم را كفت أكر ديوانه بودي طهارت نكردي واكر عالم بودي نظر بخانه بيكانه ونا محرم نكردي واكر عارف بودي دل تو بما سوى الله مايل نبودي)كذا في جليس الخلوة وأنيس الوحدة.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٣٩
﴿وَمَا كُنتَ﴾ يا محمد ﴿تَرْجُوا أَن يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَـابُ﴾ أي يرسل وينزل كما تقول العجم خبر (بمن افكند) كما في "كشف الأسرار" والمعنى سيردّك أي معادك كما ألقى إليك القرآن وما كنت ترجوه فهو تقرير للوعد السابق أيضاً ﴿إِلا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ﴾ ولكن ألقاه إليك رحمة منه فاعمل به فالاستثناء منقطع.


الصفحة التالية
Icon