﴿وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ﴾ الاستعجال طلب الشيء قبل وقته.
يعني (شتاب ميكنند كافران ترا بعذاب آرودن بايشان) أي يقول : نضر بن الحارث وأمثاله بطريق الاستهزاء متى هذا الوعد وأمطر علينا حجارة من السماء.
وفيه إشارة إلى أن من استعجل العذاب ولم يصبر على العافية لعجل خلق منه وهو مركوز في جبلته كيف على البلاء والضراء لو لم يصبره الله كما قال لنبيه عليه السلام :﴿وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلا بِاللَّهِ﴾ (النحل : ١٣٧) يسأل الله العافية من كل بلية ﴿وَلَوْلا أَجَلٌ مُّسَمًّى﴾ أي وقت معين لعذابهم وهو يوم القيامة كما قال ﴿بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ﴾ (القمر : ٤٦) وذلك أن الله تعالى وعد النبي عليه السلام أنه لا يعذب قومه استئصالاً بل يؤخر عذابهم إلى يوم القيامة وقد سمت الإرادة القديمة بالحكمة الأزلية لكل مقدور كائن آجلاً فلا تقدم له ولا تأخر عن المضروب المسمى.
﴿لَّجَآءَهُمُ الْعَذَابُ﴾ عاجلاً.
وفيه إشارة إلى أن الاستعجال في طلب العذاب في غير وقته المقدر لا ينفع وهو مذموم فكيف ينفع الاستعجال في طلب مرادات النفس وشهواتها في غير أوانها وكيف لم يكن مذموماً ﴿وَلَيَأْتِيَنَّهُم﴾ العذاب الذي عين لهم عند حلول الأجل.
وبالفارسية (وبي شك خواهد آمد عذاب بديشان) ﴿بَغْتَةً﴾ (ناكاه).
قال الراغب : البغت مفاجأة الشيء من حيث لا يحتسب ﴿وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ﴾ بإتيانه.
يعني (وحال آنكه ايشان ندانند كه عذاب آيد بايشان وايشان ناآكاه).
يقول الفقير : إن قلت عذاب الآخرة ليس من قبيل المفاجأة فكيف يأتي بغتة؟.
قلت : الموت يأتيهم بغتة أي في وقت لا يظنون أنهم يموتون فيه وزمانه متصل بزمان القيامة ولذا عد القبر أول منزل من منازل الآخرة ويدل عليه قوله عليه السلام :"من مات فقد قامت قيامته" وفي البرزخ عذاب ولو كان نصفاً من حيث أنه حظ الروح فقط.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٨٤
وقال بعضهم : لعل المراد بإتيانه كذلك أن لا يأتيهم بطريق التعجيل عند استعجالهم والإجابة إلى مسؤولهم فإن ذلك إتيان برأيهم وشعورهم.
وفي بعض الآثار : من مات مصححاً لأمره مستعداً لموته ما كان موته بغتة وإن قبض نائماً ومن لم يكن مصححاً لأمره ولا مستعداً لموته فموته موت فجأة وإن كان صاحب الفراش سنة.
قال في "لطائف المنن" : وقد تحاورت الكلام أنا وبعض من يشتغل بالعلم في أنه ينبغي إخلاص النية فيه وأن لا يشتغل به إلا فقلت : الذي يطلب العلم إذا قيل له غداً تموت لايضع الكتاب من يده أي لكونه وفى الحقوق فلم ير أفضل مما هو فيه فيحب أن يأتيه الموت على ذلك
تو غافل در انديشه سود ومال
كه سرمايه عمر شد بايمال
طريقي بدست آروصلحى بجوى
شفيعي برانكيز وغدرى بكوى
كه يك لحظه صورت نبندد امان
جو يمانه برشد بدور زمان
﴿يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ﴾ (تعجيل ميكنند ترا بعذاب آوردن) ﴿وَإِنَّ جَهَنَّمَ﴾ أي :
٤٨٤
والحال أن محل العذاب الذي لا عذاب فوقه.
﴿لَمُحِيطَةُا بِالْكَـافِرِينَ﴾ أي : ستحيط بهم عن قريب لأن ما هو آت قريب.
قال في "الإرشاد" : وإنما جيء بالاسمية دلالة على تحقق الإحاطة واستمرارها وتنزيلاً لحال السبب منزلة المسبب فإن الكفر والمعاصي الموجبة لدخول جهنم محيطة بهم.
وقال بعضهم : إن الكفر والمعاصي هي النار في الحقيقة ظهرت في هذه النشأة بهذه الصورة.
﴿يَوْمَ يَغْشَـاـاهُمُ الْعَذَابُ﴾ ظرف لمضمر أي يوم يعلوهم ويسترهم العذاب الذي أشير إليه بإحاطة جهنم بهم يكون من الأحوال والأهوال ما لا يفي به المقال.
﴿مِن فَوْقِهِمْ﴾ (أي ازنبر سرهاي ايشان) ﴿وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ﴾ (واز زير بايهاي ايشان) والمراد من جميع جهاتهم ﴿وَيَقُولُ﴾ الله أو بعض الملائكة بأمره ﴿ذُوقُوا﴾ (بجشيد) والذوق وجود الطعم بالفم وأصله مما يقل تناوله فإذا أكثر يقال له الأكل واختير في القرآن لفظ الذوق في العذاب لأن ذلك وإن كان التعارف للقليل فهو مستصلح للكثير فخصه بالذكر ليعلم الأمرين كما في "المفردات" ﴿مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ أي جزاء ما كنتم تعملونه في الدنيا على الاستمرار من السيئات التي من جملتها الاستعجال بالعذاب.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٨٤
قال الكاشفي :(دنيا دار عمل بود وعقبي دار جزاست هرجه آنجا كاشته ايد انيجا مي درويد) :
توخمى بيفشان كه جون بدروى
زمحصول خود شاد وخرم شوى


الصفحة التالية
Icon