يقدم العالم ويستدلون في ذلك بأنه هل كانتعالى في الأزل أسباب الإلهية في إيجاد العالم بالكمال أو لا فإن قلنا لم تكن أثبتنا له نقصاناً فالناقص لا يصلح للإلهية وإن قلنا قد كان له أسباب الإلهية بالكمال بلا مانع يلزم إيجاد العالم في الأزل بلا تقدم زماني للصانع على المصنوع بل بتقدم رتبي فنقول في جوابهم إن الآية تدل على أن الله تعالى كان في الأزل ولم يكن معه شيء شاء وكان قادراً على إيجاد ما يشاء كيف شاء ولكن الإرادة الأزلية اقتضت بالحكمة الأزلية أجلاً مسمى بإخراج طفل العالم من رحم العدم أوان أجله وإن لم يكن قبل وجود العالم أوان وإنما كان مقدار الأوان في أيام الله التي لم يكن لها صباح ولا مساء كما قال الله تعالى :﴿وَذَكِّرْهُم بِأَيَّـاـامِ اللَّهِ﴾ (إبراهيم : ٥) وبقوله :﴿نُخْرِجُكُمْ﴾ إلخ يشير إلى أن كل طفل من أطفال المكونات يخرج من رحم العدم مستعداً للتربية وله كمال يبلغه بالتدريج ومن المكونات ما ينعدم قبل بلوغ كماله ومنها ما يبلغ كماله ثم يتجاوز عن حد الكمال فيؤول إلى ضد الكمال لكيلا يبقى فيه من أوصاف الكمال شيء وذلك معنى قوله :﴿لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنا بَعْدِ عِلْمٍ شَيْـاًا﴾.
دفتر دانش من جملة يشوييد بمى
تاشودارزنم فيض ازلي جانم حي
﴿وَتَرَى الارْضَ﴾ يا من شأنه الرؤية وهو حجة أخرى على البعث ﴿هَامِدَةً﴾ ميتة يابسة همدت النار إذا صارت رماداً ﴿فَإِذَآ﴾ (بس ون) ﴿أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَآءَ﴾ أي المطر ﴿اهْتَزَّتْ﴾ تحركت بالنبات والاهتزاز الحركة الواقعة على البهجة والسرور فلا يكاد يقال اهتز فلان لكيت وكيت إلا إذا كان الأمر من المحاسن والمنافع.
﴿وَرَبَتْ﴾ انتفخت وازدادت من ربا يربو ربا زاد ونما والفرس ربوا انتفخ من عدو وفزع كما في "القاموس" ﴿وَأَنابَتَتْ مِن كُلِّ زَوْج﴾ صنف ﴿بَهِيجٍ﴾ البهجة حسن اللون وظهور السرور فيه وابتهج بكذا سروراً بان أثره في وجهه.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٥
والمعنى حسن رائق يسر ناظره : وبالفارسية (تازه وترونيكو وبهجت افزاي بس قادري كه زمين مرده را بابي زنده سازد تواناست برآنكه اجزاي موتي را جمع ساخته بهمان حال كه بوده اندباز كرداند.
).
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٥
﴿ذَالِكَ بِأَنَّ اللَّهَ﴾ أي ذلك الصنع البديع وهو خلق الإنسان على أطوار مختلفة وتصريفه في أطوار متباينة وإحياء الأرض بعد موتها حاصل بسبب أنه تعالى :﴿هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّه يُحْىِ الْمَوْتَى﴾ أي شأنه وعادته إحياؤها وحاصله أنه تعالى قادر على إحيائها بدءاً وإعادة وإلا لما أحيا النطفة والأرض الميتة مراراً بعد مرار.
﴿وَأَنَّه عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ﴾ مبالغ في القدرة وإلا لما أوجد هذه الموجودات.
﴿وَأَنَّ السَّاعَةَ﴾ أي : القيامة ﴿ءَاتِيَةٌ﴾ فيما سيأتي لمجازاة المحسن والمسيء ﴿لا رَيْبَ فِيهَا﴾ إذ قد وضح دليلها وظهر أمرها وهو خبر ثانٍ ﴿وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ﴾ (برمي انكيزد) أي بمقتضى وعده الذي لا يقبل الخلف.
﴿مَن فِى الْقُبُورِ﴾ جمع قبر وهو مقر الميت والبعث هو أن ينشر الله الموتى من القبور بأن يجمع أجزاءهم الأصلية ويعيد الأرواح إليها وأنكره الفلاسفة بناء على امتناع إعادة المعدوم قلنا إن الله يجمع الأجزاء
الأصلية للإنسان وهي الباقية من أول عمره إلى آخره ويعيد روحه إليه سواء سمى ذلك إعادة المعدوم بعينه أم لا، وأما الأجزاء المأكولة فإنما هي فضل في الأكل فليست بأصلية.
روي : أن السماء تمطر مطراً يشبه المني فمنه النشأة الآخرة كما أن النشأة الدنيا من نطفة تنزل من بحر الحياة إلى أصلاب الآباء ومنها إلى أرحام الأمهات فيتكون من قطرة الحياة تلك النطفة جسداً في الرحم وقد علمنا أن النشأة الأولى أوجدها الله على غير مثال سبق وركبها في أي صورة شاء وهكذا النشأة الآخرة يوجدها الحق على غير مثال سبق مع كونها محسوسة بلا شك فينشىء الله النشأة الأخرى على عجب الذنب الذي يبقى من هذا النشأة الدنيا وهو أصلها فعليه تركب النشأة الآخرة ثم إن الله تعالى كما يحيي الأرض والموتى بالماء الصوري كذلك القلوب القاسية بالماء المعنوي وهو الأذكار وأنوار الهداية.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٨
فالعاقل يجتهد في تنوير القلب وإحيائه بأنوار الطاعات والأذكار كي يتخلص من ظلمات الشكوك والشرك جلياً كان أو خفياً ولا شك أن الجسد من الروح كالقبر من الميت ينتفع في قبره بدعوات الأحياء كذلك الروح يترقى إلى مقامه العلوي بما حصل من إمداد القوى والأعضاء نسأل الله الحياة الأبدية بفضله وكرمه.
اكر هوشمندي بمعنى كراي
كه معنى بماندنه صورت يجاي
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٨
﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن﴾ هو أبو جهل ﴿يُجَـادِلُ فِى اللَّهِ﴾ حال كون ذلك المجادل ﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ ضروري أو بديهي فطري ﴿وَلا هُدًى﴾ استدلال ونظر صحيح هاد إلى المعرفة.


الصفحة التالية
Icon