قال الإمام الغزالي رحمه الله : الملك هو الذي يستغني في ذاته وصفاته وأفعاله عن كل موجود ويحتاج إليه كل موجود.
وفي "المفردات" : الحق موجد الشيء بسبب ما يقتضيه الحكمة.
وفي "التأويلات النجمية" : ذاته وصفاته حق وقوله صدق ولا يتوجه لمخلوق عليه حق وما يفعل من إحسانه بعباده فليس شيء منها بمستحق.
﴿لا إله إِلا هُوَ﴾ فإن كل ما عداه عبيده ﴿رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ﴾ فكيف بما هو تحته ومحاط به من الموجودات كائناً ما كان وإنما وصف العرش بالكريم لأنه مقسم فيض كرم الحق ورحمته منه تنقسم آثار رحمته وكرمه إلى ذرات المخلوقات ﴿وَمَنْ﴾ (هركه) ﴿يَدْعُ﴾ يعبد ﴿مَعَ اللَّهِ إِلَاهًا ءَاخَرَ﴾ إفراداً أو اشتراكاً ﴿لا بُرْهَانَ لَه بِهِ﴾ أي بدعائه معه ذلك.
وبالفارسية :(هي حجتي نيست بررستنده رابيرستش آن اله) وهو صفة لازمة لها كقوله ﴿يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ﴾ (الأنعام : ٣٨) إذ لا يكون في الآلهة ما يجوز أن يقوم عليه برهان إذ الباطل ليس له برهان جيء بها للتأكيد وبناء الحكم عليها تنبيهاً على
١١٢
أن الدين بما لا دليل عليه باطل فكيف بما شهدت بداهة العقول بخلافه ﴿فَإِنَّمَا حِسَابُه عِندَ رَبِّهِ﴾ فهو مجازي له على قدر ما يستحقه جواب يدع ﴿إِنَّه لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾ أي : الشأن لا ينجو من كفر من سوء الحساب والعذاب.
﴿وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ﴾ أمر رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالاستغفار والاسترحام إيذاناً بأنهما من أهم الأمور الدينية حيث أمر به من غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فكيف بمن عداه كما قال في "التأويلات النجمية" : الخطاب مع محمد عليه السلام يشير إلى أنه مع كمال محبوبيته وغاية خصوصيته ورتبة نبوته ورسالته محتاج إلى مغفرته ورحمته فكيف بمن دونه وبمن يدعو مع الله إلهاً آخر أي فلا بد لأمته من الاقتداء به في هذا الدعاء ﴿وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ﴾ يشير إلى أنه يحتمل تغير كل راحم بأن يسخط على مرحومه فيعذبه بعد أن يرحمه وأن الله جل ثناؤه إذا رحم عبده لم يسخط عليه إبداً لأن رحمته أزلية لا تحتمل التغير.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١١٢
وفي "حقائق البقلي" : اغفر تقصيري في معرفتك وارحمني بكشف زيادة المقام في مشاهدتك وأنت خير الراحمين إذ كل الرحمة في الكونين قطرة مستفادة من بحار رحمتك القديمة.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه مرّ بمصاب مبتلى فقرأ في أذنه ﴿أَفَحَسِبْتُمْ﴾ حتى ختم السورة فبرىء بإذن الله فقال عليه السلام :"ما قرأت في أذنه" فأخبره فقال :"والذي نفسي بيده لو أن رجلاً موقناً قرأها على جبل لزال" روي أن أول هذه السورة وآخرها من كنوز العرش من عمل بثلاث آيات من أولها واتعظ بأربع آيات من آخرها فقد نجا وأفلح.
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان عليه السلام إذا نزل عليه الوحي يسمع عنده دوي كدوي النحل فمكثنا ساعة فاستقبل القبلة ورفع يده وقال :"اللهم زدنا ولا تنقصنا وأكرمنا ولا تهنا وأعطنا ولا تحرمنا وآثرنا ولا تؤثر علينا وارض عنا وأرضنا" ثم قال :"لقد أنزل عليّ عشر آيات من أقامهن دخل الجنة" ثم قرأ ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ﴾ حتى ختم العشر.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١١٢


الصفحة التالية
Icon