ـ روي ـ أنه أرسل أبو سفيان بعد الفرار كتاباً لرسول الله فيه باسمك اللهم فإني أحلف باللات والعزى وأساف ونائلة وهبل لقد سرت إليك في جميع وأنا أريد أن لا أعود أبداً حتى أستأصلكم فرأيتك قد كرهت لقاءنا واعتصمت بالخندق وفي لفظ قد اسعتصمت بمكيدة ما كانت العرب تعرفها وإنما تعرف ظل رماحها وسيوفها وما فعلت هذا إلا فراراً من سيوفنا ولقائنا ولك مني يوم كيوم أحد فأرسل له عليه السلام جواباً فيه "أما بعد" أي : بعد بسم الله الرحمن الرحيم "من محمد رسول الله إلى صخر بن حرب فقد أتاني كتابك وقديماً غرّك بالله الغرور أما ما ذكرت أنك سرت إلينا وأنت لا تريد أن تعود حتى تستأصلنا فذلك أمر يحول الله بينك وبينه ويجعل لنا العاقبة وليأتين عليك يوم أكثر فيه اللات والعزى وأساف ونائلة وهبل حتى أذكرك يا سفيه بني غالب" انتهى فاجتهدوا وقاسوا الشدائد في طريق الحق إلى أن فتح الله مكة واتسع الإسلام وبلاده وأهاليه.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٣١
﴿هُنَالِكَ ابْتُلِىَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالا شَدِيدًا * وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَـافِقُونَ وَالَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُه إِلا غُرُورًا * وَإِذْ قَالَت طَّآاـاِفَةٌ مِّنْهُمْ يا اأَهْلَ﴾.
﴿وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَـافِقُونَ﴾ (وآنكه كه دورويان كفتندن) وهو عطف على إذ زاغت وصيغته للدلالة على استحضار القول واستحضار صورته ﴿وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ﴾ ضعف اعتقاد.
فإن قلت ما الفرق بين المنافق والمريض؟ قلت : المنافق من كذب الشيء تكذيباً لا يعتريه فيه شك والمريض من قال الله تعالى في حقه :﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍا فَإِنْ أَصَابَه خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِه وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ﴾ (الحج : ١١) كذا في "الأسئلة المقحمة".
قال الراغب : المرض الخروج عن الاعتدال الخاص بالإنسان وهو ضربان جسمي ونفسي كالجهل والجبن والنفاق ونحوها من الرذائل الخلقية وشبه النفاق والكفر ونحوهما من الرذائل بالمرض إما لكونها مانعة عن إدراك الفضائل كالمرض المانع عن التصرف الكامل وإما لكونها مانعة عن تحصيل الحياة الأخروية المذكورة في قوله :﴿وَإِنَّ الدَّارَ الاخِرَةَ لَهِىَ الْحَيَوَانُ﴾ (العنكبوت : ٦٤) وإما لميل النفس بها إلى الاعتقادات الرديئة ميل بدن المريض إلى الأشياء المضرة ﴿مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ﴾ من الظفر وإعلاء الدين وهم لم يقولوا رسول الله وإنما قالوه باسمه ولكن الله ذكره بهذا اللفظ ﴿إِلا غُرُورًا﴾ أي : وعد غرور وهو بالضم (فريفتن) والقائل لذلك معتب بن قشير ومن تبعه وقد سبق.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٣١
﴿وَإِذْ قَالَت طَّآاـاِفَةٌ مِّنْهُمْ﴾ هم أوس بن قيظي ومن تبعه في رأيه، وبالفارسية :(وانرا نيز ياد كنيدكه كفتند كروهى ازمنافقان) يا اأَهْلَ يَثْرِبَ} (اى مردان مدينه) هو اسم للمدينة المنورة لا ينصرف للتعريف وزنة الفعل وفيه التأنيث وقد نهى النبي عليه السلام أن تسمى المدينة بيثرب وقال هي طيبة أو طابة أو المدينة كأنه كره هذا اللفظ لأن يثرب يفعل من التثريب وهو اللوم الذي لا يستعمل إلا فيما يكره غالباً ولذلك نفاه يوسف الصديق عليه السلام حيث قال لإخوته :﴿لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ﴾ (يوسف : ٩٢) وكأن المنافقين ذكروها بهذا الاسم مخالفة له عليه السلام فحكى الله عنهم كما قالوا.
وقال الإمام السهيلي : سميت يثرب لأن الذي نزلها من العماليق اسمه يثرب بن عبيل بن مهلاييل بن عوص بن عملاق بن لاود بن ارم وعبيل هم الذين سكنوا الجحفة وهي ميقات الشامين فأجحفت بهم السيول فيها أي : ذهبت بهم فسميت الجحفة.
وقال بعضهم : هي من الثرب بالتحريك وهو الفساد
١٥٠