جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٣١
وفي "التأويلات" : هي نور من أنوار جماله جعل مغفر الرأس روحهم يعصمهم مما يقطعهم عن الله ﴿وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ على ما صدر عنهم من الطاعات وهو الجنة واليوم سهولة العبادة ودوام المعرفة وغداً تحقيق المسؤول ونيل ما فوق المأمول.
وفي "التأويلات العظيم هو الله يعني أجراً من واهب ألطافه بتجلي ذاته وصفاته.
وعن عطاء بن أبي رباح : من فوّض أمره إلى الله فهو داخل في قوله :﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَـاتِ﴾ ومن أقرّ بأن الله ربه ومحمداً عليه السلام رسوله ولم يخالف قلبه لسانه فهو داخل في قوله :﴿وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَـاتِ﴾ ومن أطاع الله في الفرائض والرسول في السنة فهو داخل في قوله :﴿وَالْقَـانِتِينَ وَالْقَـانِتَـاتِ﴾ ومن صان قوله عن الكذب فهو داخل في قوله :﴿وَالصَّـادِقِينَ وَالصَّـادِقَـاتِ﴾ ومن صبر على الطاعة وعن المعصية وعلى الرزية فهو داخل في قوله :﴿وَالصَّـابِرِينَ وَالصَّـابِرَاتِ﴾ ومن صلى فلم يعرف من عن يمينه وعن شماله فهو داخل في قوله :﴿وَالْخَـاشِعِينَ وَالْخَـاشِعَـاتِ﴾.
قال في "بحر العلوم" : بنى الأمر في هذا على الأشد وليس هذا بمرضي عنه انتهى.
يقول الفقير : بل بنى على الأسهل فإنه أراد ترك الالتفات يميناً وشمالاً وهو أسهل بالنسبة إلى الاستغراق في الشهود.
ومن تصدق في كل أسبوع بدرهم فهو داخل في قوله :﴿وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَـاتِ﴾ ومن صام من كل شهر أيام البيض فهو داخل في قوله :﴿وَالصَّـائِمِينَ وَالصَّـائِمَـاتِ﴾ ومن حفظ فرجه عما لا يحل فهو داخل في قوله :﴿وَالْحَـافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَـافِظَـاتِ﴾ ومن صلى الصلوات الخمس بحقوقها فهو داخل في قوله :﴿وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ﴾.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه سئل رسول الله صلى الله عليه وسلّم أي : العباد أفضل درجة عند الله يوم القيامة؟ قال :"الذاكرون الله كثيراً والذكرات" قالوا : يا رسول الله ومن الغازي في سبيل الله؟ قال :"لو ضرب بسيفه الكفار والمشركين حتى تكسر أو تخضب دماً لكان ذاكر الله كثيراً أفضل
١٧٦
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٣١
منه درجة" وعن أبي هريرة رضي الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يسير في طريق مكة فمر على جبل يقال له جمدان كعثمان فقال :"سيروا هذا جمدان سبق المفرّدون" قالوا : ومن مفردون يا رسول الله؟ قال :"الذاكرون الله كثيراً والذاكرات" أي : كثيراً والمفردون نقله البعض بكسر الراء وتشديدها والبعض الآخر بتخفيفها وإنما لم يقولوا من المفردون لأن مقصودهم من النبي عليه السلام كان أن يبين لهم ما المراد من الأفراد والتفريد لا بيان من يقوم به الفعل فبينه عليه السلام بقوله :"الذاكرون الله كثيراً والذاكرات" يعني المراد من الأفراد هنا أن يجعل الرجل بأن لا يذكر معه غيره والمراد من كثرة ذكره أن لا ينساه على كل حال لا الذكر بكثرة اللغات.
قال ابن ملك : وفي ذكره عليه السلام هذا الكلام عقيب قوله :"هذا جمدان" لطيفة وهي أن جمدان كان منفرداً ولم يكن مثله فكذا هؤلاء السادات منفردون ثابتون على السعادات.
يقول الفقير : أشار عليه السلام بجمدان إلى جبل الوجود والسير فيه وقطع طريقه بتفريد التوحيد وهو تقطيع الموحد عن الأنفس كما أن تجريد التوحيد تقطيعه عن الآفاق جعلنا الله وإياكم من السائرين الطائرين لا من الواقفين الحائرين.
سالكاً بي كشش دوست بجايى نرسند
سالها كره درين راه تك ووى كنند
﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَـاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَـاتِ وَالْقَـانِتِينَ وَالْقَـانِتَـاتِ وَالصَّـادِقِينَ وَالصَّـادِقَـاتِ وَالصَّـابِرِينَ وَالصَّـابِرَاتِ وَالْخَـاشِعِينَ وَالْخَـاشِعَـاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَـاتِ وَالصَّـائِمِينَ وَالصَّـائِمَـاتِ وَالْحَـافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَـافِظَـاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا * وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُه أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَه فَقَدْ ضَلَّ ضَلَـالا مُّبِينًا﴾.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٣١


الصفحة التالية
Icon