وأما ميمونة رضي الله عنها فهي بنت الحارث الهلالية تزوجها عليه السلام وهو محرم في عمرة القضاء سنة سبع وبعد الإحلال بنى بها بسرف ماتت سنة إحدى وخمسين وبلغت ثمانين سنة ودفنت بسرف الذي هو محل الدخول بها وهو ككتف موضع قرب التنعيم.
وأما زينب رضي الله عنها فهي بنت جحش بن رباب
٢١١
الأسدية وقد سبقت قصتها في هذه السورة.
وأما جويرية فهي بنت الحارث الخزاعية سبيت في غزوة المصطلق وكانت بنت عشرين سنة ووقعت في سهم ثابت بن قيس فكاتبها على تسع آواق فأدى عليه السلام عنها ذلك وتزوجها وقيل إنها كانت بملك اليمين فأعتقها عليه السلام وتزوجها توفيت بالمدينة سنة ست وخمسين وقد بلغت سبعين سنة وصلى عليها مروان بن الحكم وهو والي المدينة يومئذٍ.
وهؤلاء التسع مات عنهن صلى الله عليه وسلّم وقد نظمهن بعضهم فقال :
توفي رسول الله عن تسع نسوة
إليهن تعزي المكرمات وتنسب
فعائشة ميمونة وصفية
وحفصة تتلوهن هند وزينب
جويرية مع رملة ثم سودة
ثلاث وست ذكرهن ليعذب
ومنها : أن الآية دلت على جواز النظر إلى من يريد نكاحها من النساء وعن أبي هريرة أن رجلاً أراد أن يتزوج امرأة من الأنصار فقال له النبي عليه السلام :"أنظر إليها فإن في أعين نساء الأنصار شيئاً" قال الحميدي : يعني الصغر وذلك أن النظر إلى المخطوبة قبل النكاح داعٍ للإلفة والإنس وأمر النبي عليه السلام أم سلمة خالته من الرضاعة حين خطب امرأة أن تشم هي عوارضها أي : أطراف عارضي تلك المرأة لتعرف أن رائحتها طيبة أو كريهة وعارضاً الإنسان صفحتا خدّيه.
وبالأعذار يجوز النظر إلى جميع الأعضاء حتى العورة الغليظة وهي تسعة :
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٣١
الأول : تحمل الشهادة كما في الزنى يعني أن الرجل إذا زنى بامرأة يجوز النظر إلى فرجهما ليشهد بأنه رآه كالميل في المكحلة.
والثاني : أداء الشهادة فإن أداء الشهادة بدون رؤية الوجه لا يصح.
والثالث : حكم القاضي.
والرابع : الولادة للقابلة.
والخامس : البكارة في العنة والرد بالعيب.
والسادس، والسابع : الختان والخفض فالختان للولد سنة مؤكدة والخفض للنساء وهو مستحب وذلك أن فوق ثقبة البول شيئاً هو موضع ختانها فإن هناك جلدة رقيقة قائمة مثل عرف الديك وقطع هذه الجلدة هو ختانها وفي الحديث :"الختان سنة للرجال مكرمة للنساء ويزيد لذتها ويجف رطوبتها".
والثامن : إرادة الشراء.
والتاسع : إرادة النكاح ففي هذه الأعذار يجوز النظر وإن كان بالشهوة لكن ينبغي أن لا يقصدها فإن خطب الرجل امرأة أبيح له النظر إليها بالاتفاق فعند أحمد ينظر إلى ما يظهر غالباً كوجه ورقبة ويد وقدم وعند الثلاثة لا ينظر غير الوجه والكفين كما في "فتح الرحمن".
ومنها أن من علم أنه تعالى هو الرقيب على كل شيء راقبه في كل شيء ولم يلتفت إلى غيره.
قال الكاشفي :(وكسى كه ازسر رقيبى حق آكاه كردد اورا ازمراقبه اره نيست) :
و دانستي كه حق دانا وبيناست
نهان واشكار خويش كن راست
والتقرب بهذا الاسم تعلقاً من جهة مراقبته تعالى والاكتفاء بعلمه بأن يعلم أن الله رقيبه وشاهده في كل حال ويعلم أن نفسه عدو له وأن الشيطان عدو له وأنهما ينتهزان الفرص حتى يحملانه على الغفلة والمخالفة فيأخذ منها حذره بأن يلاحظ مكانها وتلبيسها ومواضع انبعاثها حتى يسد عليها المنافذ والمجاري ومن جهة التخلق أن يكون رقيباً على نفسه كما
٢١٢
ذكر وعلى من أمره الله بمراقبته من أهل وغيره.
وخاصية هذا الاسم جمع الضوال والحفظ في الأهل والمال فصاحب الضالة يكثر من قراءته فتنجمع عليه ويقرأه من خاف على الجنين في بطن أمه سبع مرات وكذلك لو أراد سفراً يضع يده على رقبة من يخاف عليه المنكر من أهل وولد يقوله سبعاً فإنه يأمن عليه إن شاء الله ذكره أبو العباس الفاسي في "شرح الأسماء الحسنى" نسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظنا في الليل والنهار والسر والجهار ويجعلنا من أهل المراقبة إلى أن تخلو منا هذه الدار.
﴿تُرْجِى مَن تَشَآءُ مِنْهُنَّ وَتُـاْوِى إِلَيْكَ مَن تَشَآءُا وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكَا ذَالِكَ أَدْنَى أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَآ ءَاتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّا وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِى قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا * لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَآءُ مِنا بَعْدُ وَلا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ رَّقِيبًا﴾.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٣١


الصفحة التالية
Icon