قيل : لا خير في بنات الكفرة وقد يؤذي عليهن في الأسواق وتمر عليهن أيدي الفساق يعني أنها في الابتذال بحيث لا يميل إليها أكثر الرجال والغالب عليها النظر إلى الأجانب والميل إلى كل جانب فأين نساء الزمان من رابعة العدوية رحمها الله فإنها مرضت مرة مرضاً شديداً فسئلت عن سببه فقالت : نظرت إلى الجنة فأدبني ربي وعاتبني فأخذني المرض من ذلك العتاب فإذا كان الناظر إلى الجنة في معرض الخطاب والعتاب لكونها ما دون الله تعالى مع كونها دار كرامته وتجليه فما ظنك بالناظر إلى الدنيا وحطامها ورجالها ونسائها.
والثاني : أن الدنيا لم تخل عن الفسق والفجور حتى في الصدر الأول فرحم الله امرأ غض بصره عن أجنبية فإن النظرة تزرع في القلب شهوة وكفى بها فتنة.
قال ابن سيرين رحمه الله : إني لأرى المرأة في منامي فأعلم أنها لا تحل لي فأصرف بصري فيجب أن لا يقرب امرأة ذات عطر وطيب ولا يمس يدها ولا يكلمها ولا يمازحها ولا يلاطفها ولا يخلو بها فإن الشيطان يهيج شهوته ويوقعه في الفاحشة وفي الحديث "من فاكه امرأة لم تحل له ولا يملكها حبس بكل كلمة ألف عام في النار ومن التزم امرأة حراماً" أي : اعتنقها "قرن مع الشيطان في سلسلة ثم يؤمر به في النار" والعياذ بالله من دار البوار.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٣١
يا اأَيُّهَا النَّبِىُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَـاتِكَ وَنِسَآءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَـابِيبِهِنَّا ذَالِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَا وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا * لَّـاـاِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَـافِقُونَ وَالَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِى الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَآ إِلا قَلِيلا * مَّلْعُونِينَا أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلا * سُنَّةَ اللَّهِ فِى الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا}.
﴿لَّـاـاِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَـافِقُونَ﴾ لام قسم والانتهاء والانزجار عما نهى عنه، وبالفارسية :(بازايستيدن) والمعنى والله لئن لم يمتنع المنافقون عما هم عليه من النفاق وأحكامه الموجبة للإيذاء ﴿وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ﴾ ضعف إيمان وقلة ثبات عليه أو فجور من تزلزلهم في الدين وما يستتبعه مما لا خير فيه أو من فجورهم وميلهم إلى الزنى والفواحش ﴿وَالْمُرْجِفُونَ فِى الْمَدِينَةِ﴾ الرجف الاضطراب الشديد يقال رجف الأرض والبحر وبحر رجاف والرجفة الزلزلة والإرجاف إيقاع الرجفة والاضطراب إما بالفعل أو بالقول وصف بالإرجاف الأخبار الكاذب لكونه متزلزلاً غير ثابت.
وفي "التاج" (الارجاف : خبر دروغ افكندن) والمعنى لئن لم ينته المخبرون بالاخبار الكاذبة في الفريقين عما هم عليه من نشر أخبار السوء عن سرايا المسلمين بأن يقولوا انهزموا وقتلوا وأخذوا وجرى عليهم كيت كيت وآتاكم العدو وغير ذلك من الأراجيف المؤذية الموقعة لقلوب المسلمين في الاضطراب والكسر والرعب ﴿لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ﴾ جواب القسم المضمر (الاغراء : برانكيختن بريز) يقال غرى بكذا أي : لهج به ولصق وأصل ذلك من الغراء وهو ما يلصق به وقد أغريت فلاناً بكذا إغراء ألهجته به والضمير في بهم لأهل النفاق والمرض والإرجاف أي : لنأمرنك بقتالهم وإجلائهم أو بما يضطرهم إلى الجلاء ولنحرّضنك على ذلك، وبالفارسية :(هرآينه ترا بركماريم بريشان ومسلط سازيم وامر كنيم بقتل ايشان) ﴿ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَآ﴾ عطف على جواب القسم وثم للدلالة على أن الجلاء ومفارقه
٢٤١
جوار الرسول أعظم ما يصيبهم أي : لا يساكنونك، وبالفارسية :(س هما يكى نكند باتو در مدينه) فإن الجار من يقرب مسكنه (والمجاورة : باكسى همسايكى كردن) ﴿إِلا قَلِيلا﴾ زماناً أو جواراً قليلاً ريثما يتبين حالهم من الانتهاء وعدمه.
وفي "بحر العلوم" ريثما يرتحلون بأنفسهم وعيالهم.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٣١
﴿مَّلْعُونِينَ﴾ مطرودين عن الرحمة والمدينة وهو نصب على الشتم والذم أي : اشتم واذم أو على الحال على أن حرف الاستثناء داخل على الظرف والحال معاً أي : لا يجاورونك إلا حال كونهم ملعونين ﴿أَيْنَمَا ثُقِفُوا﴾ في أي : مكان وجدوا وأدركوا، وبالفارسية (هركجا يافته شوند).
قال الراغب الثقف الحذق في إدراك الشيء وفعله يقال ثقفت كذا إذا أدركته ببصرك لحذق في النظر ثم قد تجوز به فاستعمل في الإدراك وإن لم يكن معه ثقافة ﴿أُخِذُوا﴾ (كرفته شوند يعني بايدكه بكيرند ايشانرا) ﴿وَقُتِّلُوا تَقْتِيلا﴾ (وكشته كردند يعني بكشند كشتنى را بخوارى وزارى) يعني الحكم فيهم الأخذ والقتل على جهة الأمر فما انتهوا عن ذلك كما في "تفسير أبي الليث".
وقال محمد بن سيرين : فلم ينتهوا ولم يغر الله بهم والعفو عن الوعيد جائز لا يدخل في الخلف كما في "كشف الأسرار".


الصفحة التالية
Icon