ـ روي ـ أن النبي عليه السلام كتب إلى قيصر ملك الروم يدعوه إلى الإسلام فقرأ كتابه ووضعه على عينيه ورأسه وختمه بخاتمه ثم أوثقه على صدره ثم كتب جواب كتابه إنا نشهد أنك نبي ولكنا لا نستطيع أن نترك الدين القديم الذي اصطفاه الله لعيسى عليه السلام فعجب النبي عليه السلام فقال :"لقد ثبت ملكهم إلى يوم القيامة أبداً" وقال لفارس :"نطحة أو نطحتان ثم لا فارس بعدها" والروم ذات قرون كلما ذهب قرن خلف قرن هيهات إلى آخر الأبد كما في "كشف الأسرار" وأما قوله :"إذا هلك قيصر لا قيصر بعده" فمعناه إذا زال ملكه عن الشام لا يخلفه فيه أحد وكان كذلك لم يبق إلا ببلاد الروم كما في "إنسان العيون" وكتب إلى كسرى ملك فارس وهو خسرو المذكور وكسرى معرب خسرو فمزق كتابه ورجع الرسول بعدما أراد قتله فدعا عليه النبي عليه السلام أن يمزق كل ممزق فمزق الله ملكهم فلا ملك لهم أبداً ﴿وَهُمْ﴾ أي : الروم ﴿مِّنا بَعْدِ غَلَبِهِمْ﴾ أي : من بعد مغلوبيتهم على يد فارس فهو من إضافة المصدر إلى المفعول والفاعل متروك والأصل بعد غلبة فارس إياهم
والغلب والغلبة كلاهما مصدر ﴿سَيَغْلِبُونَ﴾ سيغلبون فارس.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣
﴿فِى أَدْنَى الارْضِ وَهُم مِّنا بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِى بِضْعِ سِنِينَا لِلَّهِ الامْرُ مِن قَبْلُ وَمِنا بَعْدُا وَيَوْمَـاـاِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّه يَنصُرُ مَن يَشَآءُا وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾.
﴿فِى بِضْعِ سِنِينَ﴾ البضع بالفتح قطع اللحم وبالكسر المنقطع عن العشرة ويقال ذلك لما بين الثلاث إلى العشر وقيل بل هو فوق الخمس دون العشر.
وفي "القاموس" ما بين الثلاث إلى التسع.
وفي "كشف الأسرار" البضع اسم للثلاث والخمس والسبع والتسع.
وفي "تفسير المناسبات" : وذلك من أدنى العدد لأنه في المرتبة الأولى وهو مرتبة الأحاد وعبر بالبضع ولم يعين إبقاء للعباد في ربقة نوع من الجهل تعجيزاً لهم انتهى (كفته اندكه ملك فارس يعني خسرو رويز شهريار وفرخان را كه دو اميروى بودند ودوبرادر بالشكر كران فرستاد وملك روم يعني هرقل ون خبر يافت ازتوجه عسكر فارس خنس نام اميرش مهتر كرد بر لشكر خويش وفرستاد هردو لشكر بازرعات بهم رسيدند) وهي أدنى الشام إلى أرض العرب والعجم فغلب الفرس على الروم وأخذوا من أيديهم بعض بلادهم وبلغ الخبر مكة ففرح المشركون وشمتوا بالمسلمين وقالوا : أنتم والنصارى أهل كتاب ونحن وفارس أميون لأن فارس كانوا مجوساً وقد ظهر إخواننا على إخوانكم فلنظهرن عليكم فشق ذلك على المسلمين واغتموا فأنزل الله الآية وأخبر أن الأمر يكون على غير ما زعموا فقال أبو بكر رضي الله عنه للمشركين : لا يقرّنّ الله أعينكم فوالله ليظهرن الروم على فارس بعد بضع سنين فقال أبيّ بن خلف اللعين كذبت اجعل بيننا أجلاً أناحبك عليك والمناحبة المخاطرة فناحبه على عشرة ناقة شابة من كل واحد منهما يعني :(ضمان از يكديكر بستند هرآن يكى كه راست كوى بود آن ده شتربستاند ازان ديكر) وجعلا الأجل ثلاث سنين فأخبر أبو بكر رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال : البضع ما بين الثلاث إلى التسع" فزايده في الخطر وماده في الأجل فجعلاهما مائة ناقة إلى تسع سنين فلما خشي أبي أن يخرج أبو بكر مهاجراً إلى المدينة أتاه فلزمه فكفل له عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما فلما أراد أبي أن يخرج إلى أحد أتاه محمد بن أبي بكر رضي الله عنهما ولزمه فأعطاه كفيلاً ثم خرج إلى أحد ومات أبي من جرح برمح رسول الله بعد قفوله أي : رجوعه من أحد وظهرت الروم على فارس عند رأس سبع سنين (وآن نان بودكه ون شهريار وفرخان بر بعضى بلاد روم مستولى كشتند رويز بغمازى ارباب غرض بردو برادر متغير كشت وخواستند كه يكى را بدست ديكر هلاك كند وهردو بر صورت حال واقف شده كيفيت بقيصر روم عرضه كردند ودين ترسايى اختيار نمودند سهدار لشكر روم شدند وفار سيانرا مغلوب ساخته بعضى از بلاد ايشان بكر فتند وشهرستان روميه آنكه بنا كرند) ووقع ذلك يوم الحديبية.
وفي الوسيط فجاءه جبريل بهزيمة فارس وظهور الروم عليهم ووافق ذلك يوم بدر انتهى وأخذ أبو بكر الخطر من ورثة أبي فجاء به رسول الله فقال : تصدق به (أبو بكر رضي الله عنه آن همه بصدقه بداد بفرمان رسول) وكان ذلك قبل تحريم القمار بقوله تعالى :
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣
﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالانصَابُ وَالازْلَـامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَـانِ فَاجْتَنِبُوهُ﴾ (المائدة : ٩٠) والقمار أن يشترط أحد المتلاعبين في اللعب أخذ شيء من صاحبه إن غلب عليه والتفصيل في كراهية الفقه.
والآية من دلائل النبوة لأنها إخبار عن الغيب.
ثم إن القراءة المذكورة


الصفحة التالية
Icon