جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٥٨
آن بيانانست خوش كانجاد دست
يطلب الإنسان في الصيف الشتا
فإذا جاء الشتا انكرذا
فهو لا يرضى بحال ابداً
لا بضيق لا بعيش رغداً
قتل الإنسان ما اكفره
كلما نال هدى انكره
﴿وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ﴾ حين عرّضوها للسخط والعذاب بالشرك وترك الشكر وعدم الاعتداد بالنعمة وتكذيب الأنبياء ﴿فَجَعَلْنَـاهُمْ أَحَادِيثَ﴾، قال ابن الكمال : الأحاديث مبني على واحده المستعمل وهو الحديث كأنهم جمعوا حديثاً على أحدثة ثم جمعوا الجمع على الأحاديث أي : جعلنا أهل سبأ اخباراً وعظة وعبرة لمن بعدهم بحيث يتحدث الناس بهم متعجبين من أحوالهم ومعتبرين بعاقبتهم ومآلهم ﴿وَمَزَّقْنَـاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ﴾ أي : فرقناهم غاية التفريق على أن الممزق مصدر أو كل مطرح ومكان تفريق على أنه اسم مكان وفي عبارة التمزيق الخاص بتفريق المتصل وخرقه من تهويل الأمر والدلالة على شدة التأثير والإيلام ما لا يخفى أي : مزقناهم تمزيقاً لا غاية وراءه
٢٨٦
بحيث تضرب به الأمثال في كل فرقة ليس بعدها وصال فيقال تفرقوا أيدي سبأ أي : تفرقوا تفرق أهل هذا المكان من كل جانب وكانوا قبائل ولدهم سبأ فتفرقوا في البلاد (تايكى ازايشان دومأرب نمايد قبيله غسان ازايشان بشام رفت وقضاعه بمكه واسد ببجرين وانمار بيثرب وجذام بتهامه وازد بعمان) ﴿إِنَّ فِى ذَالِكَ﴾ المذكور من قصتهم ﴿لايَـاتٍ﴾ عظيمة ودلالات كثيرة وعبراً وحججاً واضحة قاطعة على الوحدانية والقدرة.
قال بعضهم جمع الآيات لأنهم صاروا فرقاً كثيرة كل منهم آية مستقلة ﴿لِّكُلِّ صَبَّارٍ﴾ عن المعاصي ودواعي الهوى والشهوات وعلى البلايا والمشاق والطاعات ﴿شَكُورٍ﴾ على النعم الإلهية في كل الأوقات والحالات أو لكل مؤمن كامل لأن الإيمان نصفان : نصف صبر ونصف شكر (دركشف الأسرار آورده كه أهل سبا درخوش حال وفارغ بالى مى كذرانيدند بسبب بى صبرى بر عافيت وناشكرى برنعمت رسيد بديشان آنه رسيد) :
اى روزكار عافيت شكرت نكفتم لا جرم
دستى كه در آغوش بودا كنون بدندان مى كزم
وفي "المثنوي" :
ون زحد بردند اصحاب سبا
كه به يش ماوبابه از صباناصحانشان درنصيحت آمدند
ازفسوق وكفر مانع مى شدند
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٥٨
قصد خون ناصحان ميداشتند
تخم فسق وكافرى مى كاشتند
بهر مظلومان همى كندند اه
دره افتادند ومى كفتند آه
صبر آرد آرزورانى شتاب
صبر كن والله أعلم بالصواب قال بعض الكبار : إن طلب الدنيا وشهواتها هو طلب البعد عن الله وعن حضرته والميل إلى الدنيا والرغبة في شهواتها من خسة النفس وركاكة العقل وهو ظلم على النفس فمن قطعته الدنيا عن الحضرة جعله الله عبرة لأهل الطلب وأوقعه في وادي الهلاك فلا بد من الصبر عن الدنيا وشهواتها والشكر على نعمة العصمة وتوفيق العبودية جعلنا الله وإياكم من الراغبين إليه والمعتمدين عليه وعصمنا من الرجوع عن طريقه والضلال بعد إرشاده وتوفيقه إنه الرحمن الذي بيده القلوب وتقليبها من حال إلى حال وتصريفها كيف يشاء في الأيام والليالي.
﴿وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ﴾ التصديق بالفارسية :(راستى يافتن) وضمير عليهم إلى أهل سبأ لتقدم ذكرهم والظاهر أنه راجع إلى الناس كما يشهد به ما بعده.
وإبليس مشتق من الإبلاس وهو الحزن المعترض من شدة اليأس كما في المفردات أبلس يئس وتحير ومنه إبليس أو هو أعجمي انتهى والظن هو الاعتقاد الراجح مع احتمال النقيض ومظنة الشيء بكسر الظاء موضع يظن فيه وجوده والمعنى وبالله لقد وجد إبليس ظنه بسبأ حين رأى انهماكهم في الشهوات صادقاً ﴿فَاتَّبَعُوهُ﴾ أي : اتبع أهل سبأ الشيطان في الشرك والمعصية ﴿إِلا فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ الفريق الجماعة المنفردة عن الناس ومن بيانية أي : إلا جماعة هم المؤمنون لم يتبعوه في أصل الدين وتقليلهم بالإضافة إلى الكفار أو تبعيضية أي : إلا فريقاً من فرق المؤمنين لم يتبعوه وهم المخلصون
٢٨٧
أو وجد ظنه ببني آدم صادقاً فاتبعوه إلا فريقاً من المؤمنين وذلك أنه حين شاهد آدم عليه السلام قد أصغى إلى وسوسته قال : إن ذريته أضعف منه عزماً ولذا قال : لأضلنهم.
وقال الكاشفي :(شيطان لعين كمان برده بودكه من بر بني آدم بسبب شهوت وغضب كه درنهاد ايشان نهاده اند دست يابم وايشانرا كمراه كنم كمان او درباره اهل غوايت راست شد) أو قال : أنا ناري وآدم طيني والنار تأكل الطين أو ظن عند قول الملائكة :﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَآءَ﴾ (البقرة : ٣٠).
قال في "التأويلات النجمية" : يشير إلى أن إبليس لم يكن متيقناً أن يقدر على الإغواء والإضلال بل كان ظاناً بنفسه أنه يقدر على إغواء من لم يطع الله ورسوله فلما زين لهم الكفر والمعاصي وكانوا مستعدين لقبولها حكمةفي ذلك وقبلوا منه بعض ما أمرهم به على وفق هواهم وتابعوه بذلك صدق عليهم ظنه أي : وجدهم كما ظن فيهم، قال الشيخ سعدي قدس سره :


الصفحة التالية
Icon