﴿وَأَنَا﴾ (وديكر بكو با يشان كه بدرستى ما) ﴿أَوْ إِيَّاكُمْ﴾ عطف على اسم أن يعني (باشما) ﴿لَعَلَى هُدًى﴾ (برراه راستيم) ﴿أَوْ فِى ضَلَـالٍ مُّبِينٍ﴾ (يادركمراهى آشكار) أي : وأن أحد الفريقين من الذين يوحدون المتوحد بالرزق والقدرة الذاتية ويحصونه بالعبادة والذين يشركون به في العبادة الجماد النازل في أدنى المراتب الإمكانية لعلى أحد الأمرين من الهدى والضلال المبين وهذا بعد ما سبق من التقرير البليغ الناطق بتعيين من هو على الهدى ومن هو في الضلال أبلغ من التصريح بذلك لجريانه على سنن الإنصاف المسكت للخصم الألد ونحوه قول الرجل في التعريف لصاحبه الله يعلم أن أحدنا لكاذب، يعني :(اين سخن نانست دوكس درخصومت باشند يكى محق ويكى مبطل محق كويد ازمايكى دروغ زنست نا ر ومقصد وى ازين سخن تكذيب مبطل باشد وتصديق خويش همانست كه رسول عليه السلام كفت متلاعنين را) الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب؟ وأو ههنا لمجرد إبهام وإظهار نصفة لا للشك والتشكيك.
وقال بعضهم أو ههنا بمعنى الواو، يعني : إنا وإياكم لعلى هدى إن آمنا أو في ضلال مبين إن لم نؤمن انتهى واختلاف الجارين للإيذان بأن الهادي الذي هو صاحب الحق كمن استعلى على مكان مرتفع ينظر الأشياء ويتطلع عليها أو ركب فرساً جواداً يركضه حيث يشاء والضال كأنه منغمس في ظلال لا يرى شيئاً ولا يدري أين يتوجه أو متردي في بئر عميق أو محبوس في مطمورة لا يستطيع الخروج منها.
﴿قُل لا تُسْـاَلُونَ عَمَّآ أَجْرَمْنَا﴾ (الإجرام : جرم كردن) والجرم بالضم الذنب وأصله القطع واستعير لكل اكتساب مكروه كما في "المفردات" أي : فعلنا واكتسبنا من الصغائر والزلات التي لا يخلو منها مؤمن ﴿وَلا نُسْـاَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ من الكفر والكبائر بل كل مطالب بعمله وكل زرّاع يحصد زرعه لا زرع غيره :
برفتند وهركس درود آنه كشت†
وهذا أبلغ في الإنصاف وأبعد من الجدل والاعتساف حيث أسند فيه الإجرام وإن أريد به الزلة وترك الأولى إلى أنفسهم ومطلق العمل إلى المخاطبين مع أن أعمالهم أكبر الكبائر.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٥٨
﴿قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا﴾ يوم القيامة عند الحشر والحساب ﴿ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ﴾ (الفتح : كشادن وحكم كردن) أي : يحكم بيننا ويفصل بعد ظهور حال كل منا ومنكم بأن يدخل المحقين الجنة
٢٩٢
والمبطلين والنار ﴿وَهُوَ الْفَتَّاحُ﴾ الحاكم الفيصل في القضايا المنغلقة أي : المشكلة ﴿الْعَلِيمُ﴾ بما ينبغي أن يقضي به وبمن يقضى له وعليه ولا يخفى عليه شيء من ذلك كما لا يخفى عليه ما عدا ذلك.
قال الزروقي الفتاح المتفضل بآإظهار الخير والسعة على أثر ضيق وانغلاق باب للأرواح والأشباح في الأمور الدنيوية والأخروية.
وقال بعض المشايخ : الفتاح من الفتح وهو الإفراج عن الضيق كالذي يفرج تضايق الخصمين في الحق بحكمه والذي يذهب ضيق النفس بخيره وضيق الجهل بتعليمه وضيق الفقر ببذله.
قال الإمام الغزالي رحمه الله : الفتاح هو الذي بعنايته ينفتح كل منغلق وبهدايته ينكشف كل مشكل فتارة يفتح الممالك لأنبيائه ويخرجها من أيدي أعدائه ويقول : إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر وتارة يرفع الحجاب عن قلوب أوليائه ويفتح لهم الأبواب إلى ملكوت سمائه وجمال كبريائه ويقول : ما يفتح للناس من رحمة فلا ممسك لها ومن بيده مفاتيح الغيب ومفاتيح الرزق فبالأحرى أن يكون فتاحاً وينبغي أن يتعطش العبد إلى أن يصير بحيث ينفتح بلسانه مغاليق المشكلات الإلهية وأن يتيسر بمعونته ما تعسر على الخلق من الأمور الدينية والدنيوية ليكون له حظ من اسم الفتاح.
وخاصية هذا الاسم تيسير الأمور وتنوير القلب والتمكين من أسباب الفتح فمن قرأه في أثر صلاة الفجر إحدى وسبعين مرة ويده على صدره طهر قلبه وتنور سره وتيسر أمره وفيه تيسير الرزق وغيره.
والعليم : مبالغة العالم وهو من قام به العلم ومن عرف أنه تعالى هو العالم بكل شيء راقبه في كل شيء واكتفى بعلمه في كل شيء فكان واثقاً به عند كل شيء ومتوجهاً له بكل شيء.
قال : ابن عطاء الله متى آلمك عدم إقبال الناس عليك أو توجههم بالذم إليك فارجع إلى علم الله فيك فمصيبتك بعدم قناعتك بعلمه أشد من مصيبتك بوجود الأذى منهم.
وخاصية هذا الاسم تحصيل العلم والمعرفة فمن لازمه عرف الله حق معرفته على الوجه الذي يليق به.
وفي "شمس المعارف" من انبهم عليه أمر أو كشف سر من أسرار الله فليدم عليه فإنه يتيسر له ما سأل ويعرف الحكمة فيما طلب وإن أراد فتح باب الصفة الإلهية فتح له باب من العلم والعمل.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٥٨