﴿قُلْ أَرَءَيْتُمْ شُرَكَآءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِى مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الارْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِى السَّمَـاوَاتِ أَمْ ءَاتَيْنَـاهُمْ كِتَـابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَتٍ مِّنْه بَلْ إِن يَعِدُ الظَّـالِمُونَ بَعْضُهُم بَعْضًا إِلا غُرُورًا * إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضَ أَن تَزُولا وَلَـاـاِن زَالَتَآ إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّنا بَعْدِه إِنَّه كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا * وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَـانِهِمْ لئن جَآءَهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الامَمِا فَلَمَّا جَآءَهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلا نُفُورًا * اسْتِكْبَارًا فِى الارْضِ وَمَكْرَ السَّيِّىاِا وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلا بِأَهْلِه فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلا سُنَّتَ الاوَّلِينَا فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلا﴾ أي : يحفظهما بقدرته فإن الإمساك ضد الإرسال وهو التعلق بالشيء وحفظه ﴿أَن تَزُولا﴾ الزوال الذهاب وهو يقال في كل شيء قد كان ثابتاً قبل أي : كراهة زوالهما عن أماكنهما فإن الممكن حال بقائه لا بد له من حافظ فعلى هذا يكون مفعولاً له أو يمنعهما من أن تزولا لأن الإمساك منع يقال أمسكت عنه كذا أي : منعته فعلى هذا يكون مفعولاً به ﴿وَلَـاـاِن زَالَتَآ﴾ أي : والله لئن زالت السموات والأرض عن مقرهما ومركزهما بتخليتهما كما يكون يوم القيامة ﴿إِنَّ﴾ نافية أي : ما ﴿أَمْسَكَهُمَا﴾ (نكاه ندارد ايشانرا) أي : ما قدر على إعادتهما إلى مكانهما ﴿مِنْ أَحَدٍ﴾ (هي يكى) ومن مزيدة لتأكيد نفي الإمساك عن كل أحد ﴿مِّنا بَعْدِهِ﴾ من للابتداء أي : من بعد إمساكه تعالى أو من بعد الزوال والجملة سادة مسد الجوابين للقسم والشرط ﴿إِنَّهُ﴾ سبحانه ﴿كَانَ حَلِيمًا﴾ غير معاجل بالعقوبة التي تستوجبها جنايات الكفار حيث أمسكهما وكانتا جديرتين بأن تهدّا هدّاً لعظم كلمة الشرك ﴿غَفُورًا﴾ لمن رجع عن كلمة الكفر وقال بالوحدانية.
والحلم ضبط النفس والطبع عن هيجان الغضب كما في "المفردات".
والفرق بين الحليم والصبور
٣٥٨
أن المذنب لا يأمن العقوبة في صفة الصبور كما يأمنها في صفة الحليم يعني أن الصبور يشعر بأنه يعاقب في الآخرة بخلاف الحليم كما في المفاتيح ولعل هذا بالنسبة إلى المؤمنين دون الكفار.
قال في"بحر العلوم" : الحليم مجازي أي : يفعل بعباده فعل من يحلم على المسيء ولا يعاجلهم بالعقوبة مع تكاثر ذنوبهم.
وفي "شرح الأسماء" : للإمام الغزالي رحمه الله تعالى الحليم هو الذي يشاهد معصية العصاة ويرى مخالفة الأمر ثم لا يستفزه غضب ولا يعتريه غيظ ولا يحمله على المسارعة إلى الانتقام مع غاية الاقتدار عجلة وطيش.
فعلى العاقل أن يتخلق بهذا الاسم بأن يصفح عن الجنايات ويسامح في المعاملات بل يجازي الإساءة بالإحسان فإنه من كمالات الإنسان.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣١١
بدى را بدى سهل باشد جزا
اكر مردى احسن الى من اساء
ـ روي ـ عن بعضهم أنه كان محبوساً وكان يعرض غدوة وعشية ليقتل فرأى النبي عليه السلام في النوم فقال له : اقرأ وأشار إلى هذا الآية فقال : كم أقرأ؟ فقال : أربعمائة مرة فقرأ فلم يذكر عشرين ليلة حتى أخرج.
ولعل سره أن السموات والأرض إشارة إلى الأرواح والأجساد فكما أن الله تعالى يحفظ عالم الصورة من أوجه وحضيضه فكذا يحفظ ما هو أنموذجه وهو عالم الإنسان.
وأيضاً أن الجاني وإن كان مستحقاً للعقوبة لكن مقتضى الاسم الحليم ترك المعاجلة بل الصفح بالكلية ففي مداومة الآية استعطاف واستنزال للرحمة على الجسم والروح وطلب بقائهما.
واعلم أن التوحيد سبب لنظام العالم بأسره ألا يرى أنه لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله أي : لا يوجد من يوحد توحيداً حقيقياً فإنه إذا انقرض أهل هذا التوحيد وانتقل الأمر من الظهور إلى البطون يزول العالم وينتقض أجزاؤه لأنه إذا يكون كجسد بلا روح والروح إذا فارق الجسد يتسارع إلى الجسد البلي والفساد.
ففي الآية أخبار عن عظيم قدرة الله على حفظ السموات والأرض وإمساكهما عن الزوال والذهاب وأن الإنسان الكامل من حيث أنه خليفة الله هو العماد المعنوي فيه يحفظ الله عالم الأرواح والأجسام.
وفي "الفتوحات المكية" : لا بد في كل إقليم أو بلد أو قرية من ولي به يحفظ الله تلك الجهة سواء كان أهل تلك الجهة مؤمنين أو كفاراً.
ـ يروى ـ أن آخر مولود في النوع الإنساني يكون بالصين فيسري بعد ولادته العقم في الرجال والنساء ويدعوهم إلى الله فلا يجاب في هذه الدعوة فإذا قبضه الله وقبض مؤمني زمانه بقي من بقي مثل البهائم لا يحلون حلالاً ولا يحرمون حراماً فعليهم تقوم الساعة وتخرب الدنيا وينتقل الأمر إلى الآخرة.
مدار نظم امور جهان انسانست
جميع اهل جهان جسم وجان انسانست
فناى عالم صورت برحلتش مربوط


الصفحة التالية
Icon