ومن إكرام الخبز أن يلتقط الكسرة من الأرض وإن قلت فيأكلها تعظيماً لنعمة الله تعالى وفي الحديث :"من أكل ما يسقط من المائدة عاش في وسعة وعوفي في ولده وولد ولده من الحمق" ويقال أن التقاط الفتات مهور الحور العين ولا يضع القصعة على الخبز ولا غيرها إلا ما يؤكل به من الأدام.
ويكره مسح الأصابع والسكين بالخبز إلا إذا أكله بعده.
وكذا يكره وضع الخبز جنب القصعة لتستوي.
وكذا يكره أكل وجه الخبز أو جوفه ورمي باقيه لما في كل ذلك من الاستخفاف بالخبز والاستخفاف بالخبز يورث الغلاء والقحط كذا في "شرح النقاية والعوارف".
ـ وذكر ـ أن الأرز خلق من عرق النبي عليه السلام.
زعم بعضهم أن أهل الهند لما منعوا من إخراجه إلى الروم أطعموه البط ثم ذبحوه فأخرجوه خيفة منهم بهذه الحيلة.
قال بعض الكبار : من لم يأكل الأرز بهذا الزعم فليأكل السم.
﴿وَجَعَلْنَا فِيهَا﴾ وخلقنا في الأرض ﴿جَنَّـاتٍ﴾ بساتين مملوءة ﴿مِّن نَّخِيلٍ﴾ جمع نخلة ﴿وَأَعْنَـابٍ﴾ جمع عنب أي : من أنواع النخل والعنب ولذلك جمعا دون الحب فإن الدال على الجنس مشعر بالاختلاف ولا كذلك الدال على الأنواع.
فإن قلت : لم ذكر النخيل دون التمور حتى يطابق الحب والأعناب في كونها مأكولة لأن التمور والحب والأعناب كلها مأكولة دون النخيل.
قلت لاختصاص شجرها بمزيد النفع وآثار الصنع
٣٩٢
وذلك لأنها أول شجرة استقرت على وجه الأرض وهي عمتنا لأنها خلقت من فضل طينة آدم عليه السلام وهي تشبه الإنسان من حيث استقامة قدّها وطولها وامتياز ذكرها من بين النبات واختصاصها باللقاح ورائحة طلعها كرائحة المني ولطلعها غلاف كالمشيمة التي يكون الولد فيها ولو قطع رأسها ماتت كما قالوا أقرب الجماد إلى النبات المرجان لأنه ينبت في البحر كالنبات ويكون له أغصان وأقرب النبات إلى الحيوان النخل لأنها تموت بقطع رأسها ولا تثمر بدون اللقاح كما ذكر وأقرب الحيوان إلى الإنسان الفرس يعني :(ازحيثيت شعور وزيركى) ويرى المنامات كبني آدم ولو أصاب جمار النخلة آفة هلكت والجمار من النخلة كالمخ من الإنسان وإذا تقارب ذكورها وإناثها حملت حملاً كثيراً لأنها تستأنس بالمجاورة وإذا كانت ذكورها بين إناثها ألحقتها بالريح وربما قطع ألفها من الذكور فلا تحمل لفراقه ويعرض لها العشق وهو أن تميل إلى نخلة أخرى ويخف حملها وتهزل وعلاجه أن يشد بينها وبين معشوقها الذي مالت إليه بحبل أو يعلق عليها سعفة منه أو يجعل فيها من طلعه.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٦٤
ومن خواص النخلة أن مضغ خوصها يقطع رائحة الثؤم وكذا رائحة الخمر.
وأما العنب فقد جاء في بعض الكتب المنزلة أتكفرون بي وأنا خالق العنب وله خواص كثيرة وكذا الزبيب روي أنه أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم الزبيب فقال :"بسم الله كلوا نعم الطعام الزبيب يشد العصب ويذهب الوصب ويطفىء الغضب ويرضي الرب ويطيب النكهة ويذهب البلغم ويصفي اللون" وماء الكرم الذي يتقاطر من قضبانها بعد كسحها ينفع للجرب شرباً ويجمع ويسقي للمشغوف بالخمر بعد شرب الخمر من غير علمه فيبغض الخمر قطعاً.
وأول من استخرج الخمر جمشيد الملك فإنه توجه مرة إلى الصيد فرأى في بعض الجبال كرمة وعليها عنب فظنها من السموم فأمر بحملها حتى يجرّ بها ويطعم العنب لمن يستحق القتل فيحملوه فتكسرت حباته فعصروها وجعلوا ماءها في ظرف فما عاد الملك إلى قصره إلا وقد تخمر العصير فأحضر رجلاً وجب عليه القتل فسقاه من ذلك فشربه بكره ومشقة ونام نومة ثقيلة ثم انتبه وقال : اسقوني منه فسقوه أيضاً مراراً فلم يحدث فيه إلا السرور والطرب فسقوا غيره وغيره فذكروا أنهم انبسطوا بعدما شربوه ووجدوا سروراً وطرباً فشرب الملك فأعجبه ثم أمر بغرسه في سائر البلاد وكانت الخمر حلالاً في الأمم السالفة فحرمها الله تعالى علينا لأنها مفتاح لكل شر وجالبة لكل سوء وضرّ ومميتة للقلب ومسخطة للرب في الحديث "خير خلكم خل خمركم" وذلك لأن انقلاب الخمر إلى الخل مرضاة للرب.
وفيه خواص كثيرة وأكثر الناس السعال والتنحنح في مجلس معاوية فأمر بشرب خل الخمر.
والخل ورد فيه "نعم الأدام" وقد تعيش به كثير من السلف الكرام نسأل الله القناعة على الدوام ﴿وَفَجَّرْنَا﴾ الفجر شق الشيء شقاً واسعاً كما في "المفردات".
قال بعضهم : التفجير كالتفتيح لفظاً ومعنى وبناء التفعيل للتكثير والمعنى بالفارسية :(دركشاديم وروانه كرديم) ﴿فِيهَا﴾ أي : في الأرض ﴿مِنَ الْعُيُونِ﴾ جمع عين وهي في الأصل الجارحة ويقال لمنبع الماء عين تشبيهاً بها في الهيئة وفي سيلان الماء منها ومن عين الماء اشتق ماء معين أي : ظاهر للعيون ومعنى من العيون من ماء العيون فحذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه أو العيون
٣٩٣
ومن مزيدة على رأي الأخفش.