وقال بعضهم سبحان مصدر كغفران أريد به التنزه التام والتباعد الكلي عن السوء على أن تكون الجملة أخبار من الله بالتنزه تعالى بذاته عن كل ما لا يليق به تنزهاً خاصاً ومن هو خالق الأصناف والأنواع كيف يجوز أن يشرك به ما لا يخلق شيئاً بل هو مخلوق عاجز.
قال ابن الشيخ : والتنزيه يتناول التنزيه بالقلب وهو الاعتقاد الجازم وباللسان مع ذلك الاعتقاد وهو الذكر الحسن وبالأركان معهما جميعاً وهو العمل الصالح والأول هو الأصل والثاني ثمرة الأول والثالث ثمرة الثاني وذلك لأن الإنسان إذا اعتقد شيئاً ظهر من قلبه على لسانه وإذا قال ظهر صدقه في مقاله من أفعال جوارحه فاللسان ترجمان الجنان والأركان ترجمان اللسان ﴿مِمَّا تُنابِتُ الارْضُ﴾ بيان للأزواج والمراد كل ما ينبت فيها من الأشياء المذكورة وغيرها ﴿وَمِنْ أَنفُسِهِمْ﴾ أي : خلق الأزواج من أنفسهم أي : الذكر والأنثى ﴿وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ﴾ أي : والأزواج مما لا يطلعهم على خصوصياته لعدم قدرتهم على الإحاطة بها ولما أنه لم يتعلق بها شيء من مصالحهم الدينية والدنيوية.
قال القرطبي : أي من أصناف خلقه في البر والبحر والسماء والأرض ثم يجوز أن يكون ما يخلقه لا يعلمه البشر ويعلمه الملائكة ويجوز أن لا يعلمه مخلوق.
يقال : دواب البحر والبر ألف صنف لا يعلم الناس أكثرها.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٦٤
قال في "بحر العلوم" : ويجوز أن يكون المعنى مما لا يدركون كنهه مما خلق من الأشياء من الثواب والعقاب كما قال عليه السلام :"أربع لا تدرك غايتها شرور النفس وخداع إبليس وثواب أهل الجنة وعقاب أهل النار" ومنه الروح فإنه ما بلغنا أن الله تعالى اطلع أحداً على حقيقة الروح.
وفي الآية إشارة إلى أنه ما من مخلوق إلا وقد خلق شفعاً إذ الفردية من أخص أوصاف الربوبية كما قال عبد العزيز المكي رحمه الله خلق الأزواج كلها ثم قال :﴿لَيْسَ كَمِثْلِه شَىْءٌ﴾ ليستدل بذلك أن خالق الأشياء منزه عن الزوج وإلى أن في كل شيء دليلاً على وجوده تعالى ووحدته وكمال قدرته.
قال في "كشف الأسرار" :(هريكى برهستى الله كواه وبريكانكىء وى نشان نه كواهى دهنده را خردنه نشان دهنده را زبان) :
٣٩٥
وفي كل شيء له آية
تدل على أنه واحد
قال في "أنيس الوحدة وجليس الخلوة" (وقتى ادشاهى بوداورا بكفر وزندقه ميلى بود وزيرى داشت عاقل ومسلمان خواست كه ادشاهرا ازان باز آورد وعادت وزير آننان بودكه هرسال ادشاهرا يكبار ضيافت كردى ون وقت ضيافت در رسيد ادشاهرا دعوت كرد بزمين شورستان كفت آنجاى ه اى ميزبانيست وزير كفت آنجا بوستانهاى خوش وانهار دلكش رواه وعمارتهاى كران ظاهر شده است بى آنكه كسى مباشرت واقدام نموده ادشاه ون اين سخن دور از عقل شنيد بخنديد وكفت در عقل ه كونه كنجد كه بنابى بنا كننده ظاهر شود وزير كفت ظاهر شدن عالم علوى وسفليست باندين عجائب وغرائب بى آفريدكارى ه كونه معقول بود ادشاهرا اين سخن عظيم خوش آمد واورا سعادت وهدايت روى نمود) :
شمها وكوشهارا بسته اند
جز مراآنهاكه از خود رسته اندجز عنايت كى كشايد شم را
جز محبت كى نشاند خشم را
ون كريزم زانكه بى توزنده نيست
بى خداونديت بود بنده نيستتوبه بى توفيقت اى نور بلند
يست جز بدريش توبه ريش خند
نسأل الله الوقوف على أسراره والاستنارة بأنوار آثاره إنه الظاهر في المجالي بحسن أسمائه وصفاته والباطن بحقائق كمالاته في غيب ذاته.
﴿وَءَايَةٌ لَّهُمُ﴾ أي : علامة عظيمة لأهل مكة على كمال قدرتنا وهو مبتدأ خبره قوله ﴿الَّيْلُ﴾ المظلم كأنه قيل كيف كان آية فقيل ﴿نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ﴾ المضيىء أي : نزيل النهار ونكشفه على مكان الليل ونلقي ظله بحيث لا يبقى معه شيء من ضوئه الذي هو شعاع الشمس في الهواء مستعار من السلخ وهي إزالة ما بين الحيوان وجلده من الاتصال وإن غلب في الاستعمال تعليقه بالجلد يقال سلخت الاهاب بمعنى أخرجتها عنه ﴿فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ﴾ داخلون في الظلام مفاجأة فإن إذا للمفاجأة أي : ليس لهم بعد ذلك أمر سوى الدخول فيه.
وفيه رمز إلى أن الأصل هو الظلمة والنور عارض متداخل في الهواء فإذا خرج منه أظلم فعلى هذا المعنى كان الواقع عقيب إذهاب الضوء عن مواضع ظلمة الليل هو ظهور الظلمة كما كان الواقع عقيب سلخ الإهاب هو ظهور المسلوخ وأما على معنى الإخراج فالواقع بعده وإن كان هو الإبصار دون الإظلام والمقام مقام أن يقال فإذا هم مبصرون لكن لما كان الليل زمان ترح وألم وعدم إبصار والنهار وقت فرح وسرور وإبصار جعل الليل كأنه يفاجئهم عقيب إخراج النهار من الليل بلا مهلة إذ زمان السرور ليس فيه مهلة حكماً وإن كان ممتداً بخلاف زمان الغم فإنه كان فيه المهلة وإن كان قصيراً كما قيل سنة الوصل سنة وسنة الهجر ألف سنة، وقيل :
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٦٤
ويوم لا أراك كألف شهر
وشهر لا أراك كألف عام
قال الحافظ :
آندم كه باتو باشم يكساله هست روزى


الصفحة التالية
Icon