وعن ابن عباس رضي الله عنهما : كنت لا أعلم ما روي في فضل يس وقراءتها كيف خصت به فإذا أنه لهذه الآية، وفي الحديث :"اقرأوا سورة يس على موتاكم" قال الإمام : وذلك لأن الإنسان حينئذٍ ضعيف القوة وكذا الأعضاء لكن القلب يكون مقبلاً على الله تعالى بكليته فإذا قرىء عليه هذه السورة الكريمة تزداد قوة قلبه ويشتد تصديقه بالأصول فيزداد إشراق قلبه بنور الإيمان وتتقوى بصيرته بلوامع العرفان انتهى.
يقول الفقير أغناه الله القدير : وأيضاً إن المشرف على النزع يناسبه خاتمة السورة إذ الملكوت الذي هو الروح القائم هو به وسر الفائض عليه من ربه يرجع إلى أصله حينئذٍ وينسلخ عن عالم الملك وقتئذٍ وإليه الإشارة بالقول المذكور لابن عباس رضي الله عنهما وفي الحديث "إن لكل شيء قلباً وقلب القرآن يس".
خدايت لشكرى داده زقرآن
س آنكه قلب آن لشكر ز يس
قيل : إنما جعل يس قلب القرآن أي : أصله ولبه لأن المقصود الأهم من إنزال الكتب بيان أنهم يحشرون وأنهم جميعاً لديه محضرون وأن المطيعين يجازون بأحسن ما كانوا يعملون ويمتاز عنهم المجرمون وهذا كله مقرر في هذه السورة بأبلغ وجه وأتمه.
ونقل عن الغزالي أنه إنما كانت قلب القرآن لأن الإيمان صحته بالاعتراف بالحشر والنشر وهذا المعنى مقرر فيها بأبلغ وجه فشابهت القلب الذي يصح به البدن.
وقال أبو عبد الله : القلب أمير على الجسد وكذلك يس أمير على سائر السور موجود فيه كل شيء.
ويجوز أن يقال في وجه شبهه بالقلب إنه لما كان القلب غائباً عن الإحساس وكان محلاً للمعاني الجليلة وموطناً للإدراكات الخفية والجلية وسبباً لصلاح البدن وفساده شبه الحشر به فإنه من عالم الغيب وفيه يكون انكشاف
٤٤٢
الأمور والوقوف على حقائق المقدور وبملاحظته وإصلاح أسبابه تكون السعادة الأبدية وبالإعراض عنه وإفساد أسبابه يبتلى بالشقاوة السرمدية
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٦٤
وقال النسفي : يمكن أن يقال في كونه قلب القرآن إن هذه السورة ليس فيها إلا تقرير الأصول الثلاثة الوحدانية والرسالة والحشر وهو الذي يتعلق بالقلب والجنان وأما الذي باللسان والأركان ففي غير هذه السورة فلما كان فيها أعمال القلب لا غير سماها قلباً.
وآخر الحديث المذكور :"من قرأها يريد بها وجه الله غفر الله له وأعطى من الأجر كأنما قرأ القرآن ثنتين وعشرين مرة وأيما مسلم قرىء عنده إذا نزل به ملك الموت يس نزل بكل حرف منها عشرة أملاك يقومون بين يديه صفوفاً يصلون عليه ويستغفرون له ويشهدون غسله ويتبعون جنازته ويصلون عليه ويشهدون دفنه وأيما مسلم قرأ يس وهو في سكراته لم يقبض ملك الموت روحه حتى يجيئه رضوان بشربة من الجنة يشربها وهو على فراشه ويقبض روحه وهو ريان ويمكث في قبره وهو ريان ولا يحتاج إلى حوض من حياض الأنبياء حتى يدخل الجنة وهو ريان"، وفي الحديث :"إن في القرآن لسورة تشفع لقارئها ويغفر لسامعها تدعى في التوراة المعمة" قيل : يا رسول الله وما المعمة؟ قال :"تعم صاحبها بخير الدارين وتدفع عنه أهاويل الآخرة وتدعى الدافعة والقاضية" قيل : يا رسول الله وكيف ذلك؟ قال :"تدفع عن صاحبها كل سوء وتقضي له كل حاجة" وفي الحديث :"من قرأها عدلت له عشرين حجة ومن سمعها كان له ثواب صدقة ألف دينار في سبيل الله ومن كتبها ثم شربها أدخلت جوفه ألف دواء وألف نور وألف بركة وألف رحمة ونزع منه كل داء وغل" وفي الحديث "من قرأ سورة يس في ليلة أصبح مغفوراً له".
وعن يحيى بن كثير قال :"بلغنا أنه من قرأ يس حين يصبح لم يزل في فرح حتى يمسي ومن قرأها حين يمسي لم يزل في فرح حتى يصبح" وفي الحديث :"اقرأوا يس فإن فيها عشر بركات ما قرأها جائع إلا شبع وما قرأها عار إلا اكتسى وما قرأها أعزب إلا تزوج وما قرأها خائف إلا أمن وما قرأها مسجون إلا فرج وما قرأها مسافر إلا عين على سفره وما قرأها رجل ضلت له ضالة إلا وجدها وما قرئت عند ميت إلا خفف عنه وما قرأها عطشان إلا روي وما قرأها مريض إلا برىء" وفي الحديث "يس لما قرئت له" وفي الحديث "من دخل المقابر وقرأ سورة يس خفف عنهم يومئذٍ وكان له بعدد من فيها حسنات".
وفي "ترجمة الفتوحات" (وون ببالين محتضر حاضر شوى سورة يس بخوان شيخ اكبر قدس سره ميفرمايدكه وقتى بيمار بودم ودرين مرض مراغشيانى شد بحدى كه مرا از جمله مردكان شمردند دران حالت قومى ديدم منظر هاى كريه وصورتهاى قبيح ميخواستندكه بمن اذيتي رسانند وشخصي ديدم بغايت خوب روى باقوت تمام وازوى بوى خوش مى آمد آن طائفه را ازمن دفع كرد وتابدان حدكه ايشانرا مقهور كردانيد واورا رسيدم توكيستى كفت من سوره يس ام ازتو دفع ميكنم ون ازان حالت بهوش آمدم در خودرا ديدم كه ميكريست وسورة يس ميخواند دران لحظه ختم كرد اورا از آنه مشاهده كرده بودم خبر دادم وبعد ازان بمدتى از رسول الله صلى الله عليه وسلّم بمن رسيدكه) "اقرأوا على موتاكم يس".
قال الإمام اليافعي : قد جاء في الحديث :"إن عمل الإنسان يدفن معه في قبره
٤٤٣
فإن كان العمل كريماً أكرم صاحبه وإن كان لئيماً آلمه" أي : إن كان عملاً صالحاً آنس صاحبه وبشره ووسع عليه قبره ونوّره وحماه من الشدائد والأهوال وإن كان عملاً سيئاً فزع صاحبه وروّعه وأظلم عليه قبره وضيقه وعذبه وخلى بينه وبين الشدائد والأهوال والعذاب والوبال كما جاء في "المثنوي" :
در زمانه مرترا سه همره اند
آن يكى وافى واين يك غدر مند
آن يكى رايان وديكر رخت ومال
وآن سوم وافيست وان حسن الفعال
مال انايد باتو بيرون از قصور
يار آيد ليك آيد تا بكور
ون ترا روز اجل آيد به يش
يار كويد از زبان حال خويش
تابدينجا بيش همره نيستم
بر سر كورت زمانى بيستم
فعل تو وافيست زوكن ملتحد
كه در آيد باتو در قعر لحد
بس يمر كفت بهر اين طريق
باو فاتر از عمل نبود رفيق
كربود نيكوابد يارت شود
وربود بد در لحد مارت شود
وعن بعض الصالحين في بعض بلاد اليمن أنه لما دفن بعض الموتى وانصرف الناس سمع في القبر صوتاً ودقاً عنيفاً ثم خرج من القبر كلب أسود فقال له الشيخ الصالح : ويحك أيّ شيء أنت؟ فقال : أنا عمل الميت قال : فهذا الضرب فيك أم فيه قال : فيّ وجدت عنده سورة يس وأخواتها فحالت بينه وبيني وضربت وطردت.
قال اليافعي : قلت لما قوي عمله الصالح غلب عمله الصالح وطرد عنه بكرم الله ورحمته ولو كان عمله القبيح أقوى لغلبه وأفزعه وعذبه نسأل الله الكريم الرحيم لطفه ورحمته وعفوه وعافيته لنا ولأحبابنا لإخواننا المسلمين اللهم أجب دعاءنا بحرمة سورة يس.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٦٤