وفي "التأويلات النجمية" : يشير إلى أن للملك مقاماً معلوماً لا يتعدى حده وهو مقام الملك الروحاني أو الكروبي فالروحاني لا يعبر عن مقامه إلى مقام الكروبي والكروبي لا يقدم على مقام الروحاني فلا عبور لهم من مقامهم إلى مقام فوق مقامهم ولا نزول لهم إلى مقام دون مقامهم ولهم بهذا فضيلة على إنسان بقي في أسفل سافلين في الدرك الأسفل من النار واللذين عبروا منهم عن أسفل سافلين بالإيمان والعمل الصالح وصعدوا إلى أعلى عليين بل ساروا إلى مقام قاب قوسين بل طاروا إلى منزل أو أدنى فضيلة عليهم ولهذا أمروا بسجدة أهل الفضل منهم فقعوا له ساجدين فللإنسان أن يتنزل من مقام الإنسانية إلى دركة الحيوانية كقوله تعالى :﴿أولئك كَالانْعَـامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ﴾ (الأعراف : ١٧٩) وله أن يترقى بحيث يعبر عن المقام الملكي ويقال له تخلقوا بأخلاق الله انتهى.
وقال جعفر رضي الله عنه : الخلق مع الله على مقامات شتى من تجاوز حده هلك فللأنبياء مقام المشاهدة وللرسل مقام العيان وللملائكة مقام الهيبة وللمؤمنين مقام الدنو وللعصاة مقام التوبة وللكفار مقام الغفلة والطرد واللعنة.
وقال الحسين قدس سره : المريدون يتحولون من مقام إلى مقام والمرادون يتجاوزون المقامات إلى رب المقامات.
وقال بعضهم : العارف يأكل في هذه الدار الحلوى والعسل فهذا مقامه والكامل المحقق يأكل فيها الحنظل لا يتلذذ فيها بنعمة لاشتغاله بما كلفه الله تعالى من الشكر عليها وغير ذلك من تحمل هموم الناس فكم من فرق بين المقامين وأهل الفناء وإن تألموا هنا ولكن ذلك ليس بألم بل أشد العذاب والألم فيما إذا رأى أهل الذوق مراتب أهل الفناء فوقهم وأقله التألم من تقدمهم.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٤٤٤
باش تافانى شود احوال تو
بكزرد از حال كل تا حال تو
از مقامى ساز بقعه خويش را
كه بماند جمله زير بال تو
﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّآفُّونَ﴾ في مواقف الطاعة ومواطن الخدمة وبالفارسية :(وبدرستى كه
٤٩٥
ماصف كشيدكانيم در مواقف در طاعات ومواضع خدمت).
قال الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر : ليس للملائكة نافلة إنما هم دائماً في فرائض بعدد أنفاسهم فلا نفل لهم بخلاف البشر انتهى.
قيل إن المسلمين إنما اصطفوا في الصلاة منذ نزلت هذه الآية وليس يصطف أحد من أهل الملل في صلاتهم غير المسلمين، يقول الفقير : الاصطفاف في الصلاة حصل بفعل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في أول ما صلى من الصلوات وهي صلاة الظهر فإنه لما نزل من المعراج وزالت الشمس أمر فصيح بأصحابه الصلاة جامعة، فاجتمعوا فصلى به عليه السلام جبريل وصلى النبي عليه السلام بالناس إلا أن يتفق نزول الآية في ذلك الوقت ولكن كلام القائل يقتضي كونهم مقيمين للصلاة فرادى قيل نزولها كما قال قتادة : كان الرجال والنساء يصلون معاً حتى نزلت ﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّآفُّونَ﴾ ﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ﴾ المقدسونتعالى عن كل ما لا يليق بجناب كبريائه وتحلية كلامهم بفنون التأكيد لإبراز صدوره عنهم بكمال الرغبة والنشاط.
قال البيضاوي : ولعل الأول إشارة إلى درجاتهم في الطاعات وهذا في المعارف انتهى.
قال بعض الكبار : للملائكة الترقي في العلم لا في العمل فلا يترقون بالأعمال كما لا نترقى بأعمال الآخرة إذا انتقلنا إليها وأما الإنسان فله الترقي في العلم والعمل ولو أن الملائكة ما كان لها الترقي في العلم ما قبلت الزيادة حين علمت الأسماء كلها فإنه زادهم علماً بالأسماء لم يكن عندهم.
قال البقلي رحمه الله : لما كانوا من أهل المقامات افتخروا بمقاماتهم في العبودية من الصلاة والتسبيح ولو كانوا من أهل الحقائق في المعرفة لفنوا عن ملاحظة طاعاتهم من استيلاء أنوار مشاهدة الحق.
وفي "التأويلات النجمية" : ولو كان من مفاخر الملك أن يقولوا وإنا لنحن الصافون يعني في الصلاة والعبودية فإن للإنسان معه شركة في هذا وللإنسان صف يحبه الله وليس للملك فيه شركة وذلك قوله :﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَـاتِلُونَ فِى سَبِيلِه صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَـانٌ مَّرْصُوصٌ﴾ (الصف : ٤) وأن يقولوا :﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ﴾ أيضاً للإنسان معهم شركة ومن مفاخر الإنسان أن يقولوا : إنا لنحن المحبون وإنا لنحن المحبوبون وهم المخصوصون به في الترقي من مقام المحبية إلى مقام المحبوبية انتهى وهذا بالنسبة إلى أكاملهم وأفاضلهم :
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٤٤٤
لفظ إنسان يكى ولى هركس
زده ازوى بقدر خويش نفس
جنبش هركسى زجاى ويست
روى هركس بفكر ورأى ويست
تا بر اهل طلب خداى مجيد
متجلى نشد باسم مريد
يارادت كسى نشد موصوف
بمحبت كسى نشد معروف