هريكى در برده موصول جوست
وهم او آنست كه آن عين هوست
س يمبر دفع كرد اين وهم ازو
تانباشد در غلط سودا بزاو
در عجائبهاش فكر اندر رويد
از عظيمى وزمهابت كم شويد
ونكه صنعش ريش وسبلت كم كند
حد خود داند زصانع تن زند
جزكه لا احصى نكويد ازجان
كز شمار وحد برونست آن بيان
ثم أنه لما كان معنى الحق في أسماء الله تعالى هو الثابت الوجود على وجه لا يقبل الزوال والعدم والتغير كان الجاري على ألسنة أهل الفناء من الصوفية في أكثر الأحوال هو الاسم الحق لأنهم يلاحظون الذات الحقيقية دون ما هو هالك في نفسه وباطل في ذاته وهو ما سوى الله تعالى ﴿وَأَجَلٍ مُّسَمًّى﴾ عطف على الحق أي : وبأجل معين قدره الله تعالى لبقائها لا بد لها من أن تنتهي إليه وهو وقت قيام الساعة ﴿وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ﴾ مع غفلتهم عن الآخرة وإعراضهم عن التفكر فيما يرشدهم إلى معرفتها ﴿أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا﴾ أي : بلقاء حسابه وجزائه بالبعث والباء متعلق بقوله :﴿لَكَـافِرُونَ﴾ أي : منكرون جاحدون يحسبون أن الدنيا أبدية وأن الآخرة لا تكون بحلول الأجل المسمى.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣
﴿أَوَلَمْ يَسِيرُوا﴾ أهل مكة والسير المضي في الأرض ﴿فِى الارْضِ فَيَنظُرُوا﴾ أي : أقعدوا في أماكنهم ولم يسيروا فينظروا أي : قد ساروا وقت التجارات في أقطار الأرض وشاهدوا ﴿كَيْفَ كَانَ عَـاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ من الأمم المهلكة كعاد وثمود والعاقبة إذا أطلقت تستعمل في الثواب كما في قوله تعالى :﴿وَالْعَـاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ وبالإضافة قد تستعمل في العقوبة كما في هذه الآية وهي آخر الأمر، وبالفارسية :(سرانجام) ثم بين مبدأ أحوال الأمم ومآلها فقال :﴿كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾ يعني : أنهم كانوا أقدر من أهل مكة على التمتع بالحياة الدنيا حيث كانوا أشد منهم قوة ﴿وَأَثَارُوا الارْضَ﴾ يقال ثار الغبار والسحاب انتشر ساطعاً وقد أثرته فالإثارة تحريك الشيء حتى يرتفع غباره، وبالفارسية :(برانكبختن كرد وشورانيدن زمين وميغ آوردن باد) كما في "تاج المصادر"، والثور اسم البقر الذي يثار به الأرض فكأنه في الأصل مصدر جعل في موضع الفاعل والبقر من بقر إذا شق لأنها تشق الأرض بالحراثة ومنه قيل لمحمد بن الحسين بن علي الباقر لأنه شق العلم ودخل فيه مدخلاً بليغاً.
والمعنى وقلبوا الأرض للزراعة والحراثة واستنباط المياه واستخراج المعادن ﴿وَعَمَرُوهَآ﴾ العمارة نقيض الخراب أي : عمروا الأرض بفنون العمارات من الزراعة والغرس والبناء وغيرها مما يعد عمارة لها ﴿أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا﴾ أي : عمارة أكثر كما وكيفا وزماناً من عمارة هؤلاء المشركين.
يعني : أهل مكة إياها كيف لا وهم أهل واد غير ذي زرع لا تنشط لهم في غيره ﴿وَجَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَـاتِ﴾ بالمعجزات والآيات الواضحات فكذبوهم فأهلكهم الله تعالى ﴿فَمَا كَانَ اللَّهُ﴾ بما فعل بهم من العذاب والإهلاك ﴿لِيَظْلِمَهُمْ﴾ من غير جرم
١٠
يستدعيه من جانبهم ﴿وَلَـاكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ بما اجترأوا على اكتساب المعاصي الموجبة للهلاك.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣
﴿ثُمَّ كَانَ عَـاقِبَةَ الَّذِينَ أساءوا﴾ أي : عملوا السيآت، وبالفارسية :(بدكردند يعنى كافر شدند) ﴿السُّواأَى﴾ أي : العقوبة التي هي أسوء العقوبات وأفظعها وهي العقوبة بالنار فإنها تأنيث الأسوأ كالحسنى تأنيث الأحسن أو مصدر كالبشرى وصف به العقوبة مبالغة كأنها نفس السوأى.
وقيل السوأى اسم لجهنم كما أن الحسنى اسم للجنة وإنما سميت سوأى لأنها تسوء صاحبها، قال الراغب : السوء كل ما يعم الإنسان من الأمور الدنيوية والأخروية ومن الأحوال النفسية والبدنية والخارجة من فوات مال وفقد حميم وعبر بالسوءى عن كل ما يقبح ولذلك قوبل بالحسنى قال :﴿ثُمَّ كَانَ عَـاقِبَةَ الَّذِينَ أساءوا السُّواأَى﴾ كما قال :﴿لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى﴾ (يونس : ٢٦) انتهى.
والسوءى مرفوعة على أنها اسم كان وخبرها عاقبة وقرىء على العكس وهو أدخل في الجزالة كما في "الإرشاد" ﴿ثُمَّ كَانَ عَـاقِبَةَ الَّذِينَ﴾ علة لما أشير إليه من تعذيبهم الدنيوي والأخروي أي : لأن كذبوا بآيات الله المنزلة على رسله ومعجزاته الظاهرة على أيديهم ﴿وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِءُونَ﴾ عطف على كذبوا داخل معه في حكم العلة وإيراد الاستهزاء بصيغة المضارع للدلالة على استمراره وتجدده.
وحاصل الآيات : أن الأمم السالفة المكذبة عذبوا في الدنيا والآخرة بسبب تكذيبهم واستهزائهم وسائر معاصيهم فلم ينفعهم قوتهم ولم يمنعهم أموالهم من العذاب والهلاك فما الظن بأهل مكة وهم دونهم في العدد والعدد وقوة الجسد.