﴿وَلا مَوْلُودٌ﴾ (ونه فرزندى) عطف على والد وهو مبتدأ خبره قوله :﴿هُوَ جَازٍ﴾ قاض ومؤدّ ﴿عَن وَالِدِه شَيْـاًا﴾ ما من الحقوق وخص الولد والوالد بالذكر تنبيهاً على غيرهما والمولود خاص بالصلبي الأقرب فإذا لم يقبل شفاعته للأب الأول الذي ولد منه لم يقبل لمن فوقه من الأجداد وتغيير النظم للدلالة على أن المولود أولى بأن لا يجزي ولقطع طمع من توقع من المؤمنين أن ينفع أباه الكافر في الآخرة ولذا قالوا : إن هذا الخبر خاص بالكفار فإن أولاد المؤمنين وآباءهم ينفع بعضهم بعضاً قال تعالى :﴿أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ﴾ (الطور : ٢١) أي : بشرط الإيمان ﴿إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ﴾ بالحشر والجنة والنار والثواب والعقاب والوعد يكون في الخير والشر يقال وعدته بنفع وضر وعداً وميعاداً والوعيد في الشر خاصة ﴿حَقٌّ﴾ كائن لا خلف فيه ﴿فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَواةُ الدُّنْيَا﴾ يقال غره خدعه وأطمعة بالباطل فاغتر هو كما في "القاموس" والمراد بالحياة الدنيا زينتها وزخارفها وآمالها، يعني :(بمتاعهاى دلفريب او فريفته مشويد).
وفي "التأويلات النجمية" : أي : بسلامتكم في الحال وعن قريب ستندمون في المآل انتهى ﴿وَلا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾.
قال في "المفردات" الغرور كل ما يغر الإنسان من مال وجاه وشهوات وشيطان وقد فسر بالشيطان إذ هو أخبث الغارين أي : ولا يخدعنكم الشيطان المبالغ في الغرور والخدعة بأن يرجيكم التوبة والمغفرة فيجسركم على المعاصي وينسيكم الرجوع إلى القبور ويحملكم على الغفلة عن أحوال القيامة وأهوالها.
وعذر فردارا عمر فردا بايد†
كار امروز بفردا نكذارى زنهار
روز ون يافته كاركن وعذر ميار
قال في "كشف الأسرار" : الغرة بالله حسن الظن به مع سوء العمل وفي الخبر :"الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله المغفرة" ونعم ما قيل :
إن السفينة لا تجري على اليبس†
فلا بد من الأعمال الصالحة فإن بها النجاة وبها يلتحق الأواخر بالأوائل.
ففي الآية حسم لمادة الطمع في الانتفاع بالغير مع إهمال الإسلام أو الطاعات اعتماداً على صلاح الغير فإن يوم القيامة يوم عظيم لا ينفع فيه من له اتصال الولادة فما ظنك بما سواها ويشتغل كل أحد بنفسه إلا من رحمه الله تعالى.
وعن كعب الأحبار تقول امرأة من هذه الأمة لولدها يوم القيامة : يا ولدي أما كان لك بطني وعاء وحجري وطاء وثديي سقاء كما قال الشيخ سعدي قدس سره :
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٦٢
نه طفلى زبان بسته بودى زلاف
همى روزى آمد بجوفت زناف
ونافت بريدند روزى كسست
به ستان مادر در آويخت دست
١٠١
كنار وبرمادر دلذير
بهشت است وستان ازوجوى شير
فاحمل عني واحداً فقد أثقلني ذنوبي فيقول هيهات يا أماه كل نفس بما كسبت رهينة فإذا حملت عنك فمن يحمل عني.
من وتو دو محتاج يك مائده
نه ازمن نه از تو بمن فائده
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول :"إنه ليكون للوالدين على ولدهما دين فإذا كان يوم القيامة يتعلقان به فيقول : أنا ولدكما فيودّ أن لو كان أكثر من ذلك" فلا يليق للمؤمن الإهمال في العبادة والتوبة والندم اغتراراً واعتماداً على مجرد الكرم.
ـ ذكر في الإسرائيليات ـ أن الكليم عليه السلام مرض فذكر له دواء المرض فأبى وقال : يعافيني بغير دواء فطالت علته، فأوحى الله إليه وقال : وعزتي وجلالي لا أبرئك حتى تتداوى، أتريد أن تبطل حكمتي.
فاتضح بهذا أن الأعمال أسباب ووسائل للجنات والدرجات وإن لم تكن عللاً موجبة فكما أن أهل الدنيا يباشرون الأسباب في تحصيل مرامهم فكذلك ينبغي لأهل الآخرة أن يباشروا الأعمال الصالحة في تحصيل الدرجات العالية والمطالب الأخروية.
ومن هذا المقام ما حكي عن إبراهيم بن أدهم قدس سره أنه لما منع من دخول الحمام بلا أجرة تأوّه وقال : إذا منع من دخول بيت الشيطان بلا شيء فأنى يدخل بيت الرحمن بلا شيء؟ قال بعض الكبار : لا ينبغي للمؤمن أن يتطير ويعد نفسه من الأشقياء فيتكاسل في العمل بل ينبغي أن يحسن الظن بالله تعالى ويجاهد في طريقه فإن للاعتقاد تأثيراً بليغاً وقد وعد الله ووعد الشيطان ووعد الله تعالى صدق محض لأنه هو الولي ووعد الشيطان كذب محض لأنه هو العدو فالإصغاء لكلام الولي خير من استماع كلام العدو فلا تغتر بتغرير الشيطان والنفس ولا بالحياة الدنيا فإن دولتها ذاهبة وزينتها زائلة وليس لها لأحد وفاء.
برمرد هشيار دنيا خس است
كه هر مدتى جاى ديكر كسست
منه برجهان دل كه بيكانه ايست
و مطرب كه هرروز درخانه ايست
نه لائق بود عشق بادلبرى
كه هربا مدادش بود شوهرى
مكن تكيه برملك وجاه وحشم
كه يش ازتو بودست وبعد ازتوهم
همه تخت وملكى ذيرد زوال
بجز ملك فرمانده لا يزال
وغم وشادمانى نماند وليك
جزاى عمل ماند ونام نيك
عروسى بود نوبت ماتمت
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٦٢
كرت نيك روزى بود خاتمت