﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ﴾ استئناف لبيان بقية محاسن المؤمنين.
والتجافي النبوّ والبعد أخذ من الجفاء فإن من لم يوافقك فقد جافاك وتجنب وتنحى عنك والجنوب جمع جنب وهو شق الإنسان وغيره.
والمعنى ترتفع وتتنحى أضلاعهم ﴿عَنِ الْمَضَاجِعِ﴾ أي : الفرش ومواضع النوم جمع مضجع كمقعد بمعنى موضع الضجوع أي : وضع الجنب على الأرض، وبالفارسية :(دور ميشود هلوهاى ايشان از خوابكهها) وفي إسناد التجافي إلى الجنوب دون أن يقال يجافون جنوبهم إشارة إلى أن حال أهل اليقظة والكشف ليس كحال أهل الغفلة والحجاب فإنهم لكمال حرصهم على المناجاة ترتفع جنوبهم عن المضاجع حين ناموا بغير اختيارهم كأن الأرض ألقتهم من نفسها وأما أهل الغفلة فيتلاصقون بالأرض لا يحركهم محرك ﴿يَدْعُونَ رَبَّهُمْ﴾ حال من ضمير جنوبهم أي : داعين له تعالى على الاستمرار ﴿خَوْفًا﴾ من سخطه وعذابه وعدم قبول عبادته ﴿وَطَمَعًا﴾ في رحمته قال عليه السلام في تفسير الآية : قيام العبد من الليل يعني أنها نزلت في شأن المتهجدين فإن أفضل الصيام بعد شهر رمضان صيام شهر الله المحرم وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل.
قال الكاشفي :(ون رده شب فرو كذارند وجهانيان سربر بالين غفلت بنهند ايشان هلو از ستر كرم وفراش نرم تهى كرده برقدم نياز بايستند ودر شب در از باحضرت خداوند رازكويند.
از سهيل يمنى يعنى اويس قرنى رضي الله عنه منقولست كه درشبى ميكفت "هذه ليلة الركوع" وبيك ركوع بسر مى برد ودرشى ديكر ميفرمودكه "هذه ليلة السجود" وبيك سجده بصبح ميرسانيد كفتند اى اويس ون طاقت طاعت دارى سبب يست كه شبها بدين درازى بريك حال مى كدرانى كفت كجاست
١١٩
شب درازى كاشكى ازل وابديكشب بودى تابيك سجده بآخر بردمى دران سجده نالهاى زار وكريهاى بيشمار كردمى) :
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٠٦
به نيم شب كه همه مست خواب خوش باشند
من وخيال تو ونهالهاى درد آلود
وفي الحديث :"عجب ربنا من رجلين رجل ثار عن وطائه ولحافه من بين أحبته وأهله إلى صلاته فيقول الله تعالى لملائكته : انظروا إلى عبدي ثار عن فراشه ووطائه من بين أحبته وأهله إلى صلاته رغبة فيما عندي وإشفاقاً مما عندي ورجل غزا في سبيل الله فانهزم مع أصحابه فعلم ما عليه من الانهزام وماله في الرجوع فرجع حتى أهريق دمه فيقول الله لملائكته انظروا إلى عبدي رجع رغبة فيما عندي وإشفاقاً مما عندي حتى اهريق دمه" وفي الحديث "إن في الجنة غرفاً يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها أعدها الله لمن ألان الكلام وأطعم الطعام وتابع الصيام وصلى بالليل والناس نيام" قال ابن رواحة رضي الله عنه يمدح النبي عليه السلام :
وفينا رسول الله يتلو كتابه
إذا انشق معروف من الفجر ساطع
أرانا الهدي بعد العمي فقلوبنا
به موقنات إن ما قال واقع
يبيت يجافي جنبه عن فراشه
إذا استثقلت بالكافرين المضاجع
وفي الحديث "إذا جمع الله الأولين والآخرين جاء مناد بصوت يسمع الخلائق كلهم سيعلم أهل الجمع اليوم من أولى بالكرم ثم يرجع فينادي ليقم الذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع فيقومون وهم قليل ثم يرجع فيقول ليقم الذين يحمدون الله في السراء والضراء فيقومون وهم قليل فيسرّحون جميعاً إلى الجنة ثم يحاسب سائر الناس".
واعلم أن قيام الليل من علو الهمة وهو وهب من الله تعالى فمن وهب له هذا فيلقم ولا يترك ورد الليل بوجه من الوجوه.
قال أبو سليمان الداراني قدس سره : نمت عن وردي فإذا أنا بحوراء تقول يا أبا سليمان تنام وأنا أربى لك في الخيام منذ خمسمائة عام.
وعن الشيخ أبي بكر الضرير رضي الله عنه قال : كان في جواري شاب حسن الوجه يصوم النهار ولا يفطر ويقوم الليل ولا ينام فجاءني يوماً وقال لي : يا أستاذ إني نمت عن وردي الليلة فرأيت كأن محرابي قد انشق وكأني بجوار قد خرجن من المحراب لم أر أحسن أوجهاً منهن وإذا فيهن واحدة شوهاء لم أر أقبح منها منظراً فقلت : لمن أنتن ولمن هذه فقلن نحن لياليك التي مضين وهذه ليلة نومك فلو مت في ليلتك هذه لكانت هذه حظك ثم أنشأت الشوهاء تقول :
اسأل لمولاك وارددني إلى حالي
فأنت قبحتني من بين أشكالي
لا ترقدنّ الليالي ما حييت فإن
نمت الليالي فهنّ الدهر أمثالي
فأجابتها جارية من الحسان تقول :
أبشر بخير فقد نلت الغنى أبداً
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٠٦
في جنة الخلد في روضات جنات
نحن الليالي اللواتي كنت تسهرها
تتلو القرآن بترجيع ورنات
أبشر وقد نلت ما ترجوه من ملك
بر يجود بأفضال وفرحات
غداً تراه تجلى غير محتجب
تدني إليه وتحظى بالتحيات
١٢٠