قال بعض العارفين : اعلم أن التكبير تنزيه ربك عن قيد الجهات والتحولات المختلفة، وعن قيد التعينات العلمية والاعتقادية المتنوعة بحسب المراتب.
وعن سائر أحكام الحصر ما ظهر من ذلك المذكور وما بطن مما لا يتحقق بمعرفته إلا من عرف سر العبادات المشروعة وسر التوجهات الكونية إلى الحضرة الربانية، فمعنى كل تكبير صلاتي الله أكبر من أن يتقيد بهذه التحولات العبادية، والمراتب والتعينات الكونية.
وقال شيخ الإسلام :(خواهر زاده) : معنى الله أكبر ؛ أي : من يؤدي حقه بهذا القدر من الطاعة، بل حقه الأعلى، كما قالت الملائكة : ما عبدناك حق عبادتك.
وفي "جامع المضمرات" : ليس المعنى على أنه أكبر من غيره حتى يقال : أكبر منه، بل كل ما سواه، فهو نور من أنوار قدرته كما حكي أنه عطس رجل عند الجنيد، فقال : الحمد، فقال الجنيد : الحمدرب العالمين، موافقاً للقرآن، فقال الرجل : وهل للعالم وجود حتى يذكر مع الله، فمعنى الله أكبر ؛ أي : أكبر من أن يناله الحواس ويدرك جلاله بالعقل والقياس، بل أكبر من أن يدرك كنه جلاله غيره، بل أكبر من أن يعرفه، فإنه لا يعرف الله إلا الله.
قال بعض الفضلاء : الصحيح ما عليه المحققون من أن اسم التفضيل إذا أطلق على الله تعالى فهو بمنزلة المعرف باللام في المعنى، فهو بمعنى الله هو الأكبر ولا يسوغ فيه تقدير من فإنه حينئذٍ يقتضي أن يشاركه غيره في أصل الكبرياء، وهو سبحانه منزه عن أن يشاركه غيره في شيء من صفاته، كيف يتصور ذلك؟ ولا كبرياء في غيره تعالى، بل شعار ما سواه كمال الصغار والاحتياج إلى جنابه تعالى فضلاً عن الاتصاف بالكبرياء والعظمة والكبر في حق ما سواه من أسوء الأخلاق الذميمة وتعالى الله أن يشاركه غيره في صفة هي كمال لخلقه تعالى فضلاً عن صفة هي ذميمة لهم، بل اسم التفضيل في حقه تعالى دال على زيادة المبالغة والكمال المطلق الذي لا يتصور أن يشاركه فيه أحد مما سواه.
انتهى.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٣٤
وكان عليه السلام : يزيد في تكبيرات صلاة العيدين، فتارة يجعل الزوائد ستاً وأخرى أكثر، وسره أن العرب يجتمعون في الأعياد من القبائل ويزاحمون على مطالعة جماله ويعظمونه أشد التعظيم، فكان ينفي الكبرياء عن نفسه فيثبتهاتعالى بما يحصل له كمال الاطمئنان من الأعداد.
قال في "كشف الأسرار" :(بسمع عمر بن عبد العزيز رسانيد ندكه بسرتو انكشترى ساخته است ونكينى بهزار درم خريد بروى نشانده نامه نوشته بوى كه اى بسر شنيدم كه انكشترى ساخته ونكينى بهزاردرم خريده ودروى نشانده اكر رضاى من ميخواهى آن نكين بفروش وازبهاى آن هزار كرسنه راطعام ده واز بارة سيم خودرا انكشترى ساز وبر آن نقش كن كه :
رحم الله امرأً عرف قدر نفسه :
زيرا كبربا صفت خداوند ذي الجلالست
مرورا سزد كبريا ومنى
كه ملكش قديمست وذاتش غنى
يكى رابسر بر نهد تاج بخت
يكى رابخاك اندر آرد زتخت
بتهديد اكر بر كشد تيغ حكم
بما نندكر وبيان صم وبكم
بدر كاه لطف وبز ركيش بر
بزركان بزركى زسر
بدرد يقين بردعاى خيال
نماند سرا برده الاجلال
أي : لا يبقى من الحجب إلا حجاب العظمة ورداء الكبرياء، فإنه لا يرتفع أبداً، وإلا لتلاشى وجود الإنسان، والتحق بالعدم في ذلك الآن، فاعرف هذا بالذوق والوجدان.
٤٦٠
تمت سورة الجاثية في الرابع عشر من شهر رمضان المنتظم في سلك شهور سنة ثلاث عشرة ومائة وألف سورة الأحقاف أربع أو خمس وثلاثون آية مكية.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٣٤