قال أبو تراب النخشبي قدس سره : إذا ألف القلب الإعراض عن الله صحبته الوقيعة :
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٦١
جون خدا خواهدكه
برده كس درد
ميلش اندر طعنة باكان برد
وقال الشيخ العارف شاه شجاع الكرماني قدس سره : ما تعبد متعبد بأكبر من التحبب إلى أولياء الله تعالى ؛ لأن محبة أولياء الله دليل على محبة الله، والله يهدي من يشاء إلى مقام المحبة والرضا ولا يهدي الظالمين المعاندين ؛ لأنهم من أهل سوء القضاء.
﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ ؛ أي : كفار مكة من كمال استكبارهم ﴿لِلَّذِينَ ءَامَنُوا﴾ ؛ أي : لأجلهم، فليس الكلام على المواجهة والخطاب حتى يقال : ما سبقونا ﴿لَّوْ كَانَ﴾ ؛ أي : ما جاء به محمد عليه السلام من القرآن والدين ﴿خَيْرًا﴾ حقاً ﴿مَّا سَبَقُونَآ إِلَيْهِ﴾، فإن معالي الأمور لا ينالها أيدي الأرذال، وهم سقاط عامتهم فقراء وموالي ورعاة.
وبالفارسية :(بيشى نكر فتندى برماو مسارعت نكردندى بسوى آن دين ادانى قبائل وفقراء ناس بلكه مادران سابق بودمى جه رتبة ما ازان بزر كترو بزركى وشهرت ما بيشتر).
قالوه زعماً منهم أن الرياسة الدينية مما ينال بأسباب دنيوية وزل عنهم أنها منوطة بكمالات نفسانية وملكات روحانية مبناها الإعراض عن زخارف الدنيا الدنية، والإقبال على الآخرة بالكلية، وأن من فاز بها، فقد حازها بحذافيرها، ومن حرمها، فما له منها من خلاق.
يقول الفقير : الأولى في مثل هذا المقام أن يقال : إن الرياسة الدينية فضل الله تعالى يؤتيه من يشاء بغير علل وأسباب، فإن القابلية أيضاً إعطاء من الله تعالى ﴿وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ﴾ ظرف لمحذوف يدل عليه ما قبله ويترتب عليه ما بعده لا لقوله، فسيقولون، فإنه للاستقبال.
وإذ للمضي ؛ أي : وإذا لم يهتدوا بالقرآن، كما اهتدى به أهل الإيمان ما قالوا :﴿فَسَيَقُولُونَ﴾ غير مكتفين بنفي خيريته ﴿هَـاذَآ﴾ القرآن.
﴿إِفْكٌ قَدِيمٌ﴾ كما قالوا أساطير الأولين.
وبالفارسية :(ابن دروغ كهنه است يعنى بيشينيان نيز مثل اين كفته اند).
فقد جهلوا بلب القرآن وعادوه ؛ لأن الناس أعداء ما جهلوا :
توز قرآن اى بسر ظاهر مبين
ديو آدم رانبيند جزكه طين
ظاهر قرآن جو شخص آدميست
كه نقوشش ظاهر وجانش خفيست
ومن كان مريضاً مر الفم يجد الماء الزلال مراً، فلا ينبغي لأحد أن يستهين بشيء من الحق إذا لم يهتد عقله به، ولم يدركه
٤٧٠
فهمه، فإن ذلك من محض الضلالة والجهالة، بل ينبغي أن يطلب الاهتداء من الهادي، وبجد فيه.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٦١
قال بعض الكبار : قولهم : لو كان خيراً ما سبقونا إليه نوع من أنواع مكر النفس ليتوهم براءة ذمتها من إنكار الحق، والتمادي في الباطل، وإذا لم يهتدوا بما ليس من مشاربهم، وما هم من أهل ذوق الإيمان بالقرآن وبالمواهب الربانية، فسيقولون : هذا إفك قديم.
وعن بعض الفقهاء أنه قال : لو عاينت خارق عادة على يدي أحد لقلت : إنه طرأ فساد في دماغي، فانظر ما أكثف حجاب هذا وما أشد إنكاره وجهله.
قال المولى الجامي :
كلى كه بهر كليم ازدرخت طور شكفت
توقع از خس وخاشاك ميكنى حاشاك
وقال :(مسكين فقيه ميكند انكار حسن دوست با و بكوكه ديده جانرا جلى كند).
﴿هَـاذَا هُدًى وَالَّذِينَ كَفَرُوا بآيات رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ * اللَّهُ الَّذِى سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِىَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِه وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِه وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِى السَّمَـاوَاتِ وَمَا فِى الارْضِ جَمِيعًا مِّنْه إِنَّ فِى ذَالِكَ لايَـاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ * قُل لِّلَّذِينَ ءَامَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِىَ قَوْمَا﴾.
﴿وَمِن قَبْلِهِ﴾ ؛ أي : من قبل القرآن، وهو خبر لقوله تعالى :﴿كِتَـابُ مُوسَى﴾ : رد لقولهم : هذا إفك قديم، وإبطال له، فإن كونه مصدقاً لكتاب موسى مقرر لحقيته قطعاً، يعني : كيف يصح هذا القول منهم.
وقد سلموا لأهل كتاب موسى أنهم من أهل العلم وجعلوهم حكماً يرجعون لقولهم في هذا النبي، وهذا القرآن مصدق له أو له ولسائر الكتب الإلهية.
﴿إِمَامًا﴾ حال من كتاب موسى ؛ أي : إماماً يقتدى به في دين الله ﴿وَرَحْمَةً﴾ لمن آمن به وعمل بموجبه.
﴿وَهَـاذَآ﴾ الذي يقولون في حقه ما يقولون ﴿كِتَابٌ﴾ عظيم الشأن ﴿مُّصَدِّقُ﴾ ؛ أي : لكتاب موسى الذي هو إمام ورحمة، أو لما بين يديه من جميع الكتب الإلهية.
﴿لِّسَانًا عَرَبِيًّا﴾ : حال من ضمير كتاب في مصدق ؛ أي : ملفوظاً به على لسان العرب ليكون القوم عرباً.