يقول الفقير : لا شك أن الله تعالى فضل أهل الوحي بعضهم على بعض ببعض الخصائص، وإن كانوا متساوين في أصل الوحي والنبوة، كما قال تعالى :﴿تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ (البقرة : ٢٥٣)، وكذا باين بينهم في مراتب الابتلاء، وإن كان كل منهم لا يخلو عن الابتلاء من حيث أن أمر الدعوة مبني عليه، فأولو العزم منهم فوق غيرهم من الرسل، وكذا الرسل فوق الأنبياء، وأما نبينا عليه السلام، فأعلى أولي العزم دل عليه قوله تعالى :﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ (القلم : ٤)، فإن كونه على خلق عظيم يستدعي شدة البلاء.
وقد قال :"ما أوذي نبي مثل ما أوذيت"، ففرق بين عزم وعزم.
وقوله تعالى :﴿وَلا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ﴾ (القلم : ٤٨) مع قوله :﴿إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا﴾ (الأنبياء : ٨٧) دل على أن يونس عليه السلام قد صدر منه الضجرة.
وقول يوسف عليه السلام فاسأله :﴿مَا بَالُ النِّسْوَةِ﴾ (يوسف : ٥٠)؟ دل على أنه صدر منه التزكية، وقول لوط عليه السلام :﴿لَوْ أَنَّ لِى بِكُمْ قُوَّةً أَوْ ءَاوِى إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾ (هود : ٨٠) على أنه ذهل عن أن الله تعالى كان ركنه الشديد، وقس على هذا المذكور قول عزيز ﴿أَوْ كَالَّذِى مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ﴾ (البقرة : ٢٥٩)، ونحو ذلك، فظهر أن الأنبياء عليهم السلام متفاوتون في درجات المعارف ومراتب الابتلاء، وطبقات العزم.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٦١
قال بعضهم : أولو العزم من لا يكون في عزمه فسخ، ولا في طلبه نسخ كما قيل لبعضهم بم وجدت ما وجدت.
قال : العزيمة كعزيمة الرجال ؛ أي : الرجال البالغين مرتبة الكمال.
﴿وَلا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ﴾ ؛ أي : لكفار مكة بالعذاب، فإنه على شرف النزول بهم وأمهلهم ليستعدوا بالتمتعات الحيوانية للعذاب العظيم، فإني أمهلهم رويداً، كأنه ضجر بعض الضجر فأحب أن ينزل العذاب بمن أبى منهم، فأمر بالصبر وترك الاستعجال.
؛ أي : لم يمكثوا في الدنيا والتمتع بنعيمها ﴿إِلا سَاعَةً﴾ يسيرة وزماناً قليلاً ﴿مِّن نَّهَار﴾ لما يشاهدون من شدة العذاب وطول مدته، يعني : أن هول ما ينزل بهم ينسيهم مدة اللبث، وأيضاً : إن ما مضى وإن كان دهراً طويلاً لكنه يظن زماناً قليلاً، بل يكون كأن لم يكن فغاية التنعم الجسماني هو العذاب الروحاني، كما في البرزخ، والعذاب الجسماني أيضاً، كما في يوم القيامة.
قافلة عمر جون نمايان نيست
دواسبه رفتن ليل ونهار را درياب
﴿بَلَاغٌ﴾ خبر مبتدأ محذوف ؛ أي : هذا الذي وعظتم به كفاية في الموعظة، أو تبليغ من الرسول، فالعبد يضرب بالعصا.
والحر يكفيه الإشارة ﴿فَهَلْ يُهْلَكُ﴾ ؛ أي : ما يهلك.
وبالفارسية :(بس آيا هلاك كرده خواهند شد بعذاب واقع كه نازل شود يعني نخوا هند شد).
﴿إِلا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ﴾ ؛ أي : الخارجون عن الاتعاظ به أو عن الطاعة.
وقال بعض أهل التأويل ؛ أي : الخارجون من عزم طلبه إلى طلب ما سواه.
وفي هذه الألفاظ وعيد محض وإنذار بيّن.
وفي "الفردوس" قال ابن عباس رضي الله عنهما، قال النبي عليه السلام : إذا عسر على المرأة ولادتها أخذ إناء نظيف وكتب عليه ؛ ﴿كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ﴾ (الأحقاف : ٣٥) إلخ.
٤٩٥
﴿كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا﴾ (النازعات : ٤٦) إلخ.
﴿لَقَدْ كَانَ فِى قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لاوْلِى الالْبَابِ﴾ () إلخ.
ثم يغسل وتسقى منه المرأة وينضح على بطنها وفرجها كما في "بحر العلوم".
وقال في "عين المعاني" قال ابن عباس رضي الله عنهما : إذا عسر على المرأة الولادة، فليكتب هاتان الآيتان في صحيفة، ثم تسقى، وهي هذه : بسم الله الرحمن الرحيم، لا إله إلا الله، الحكيم، الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم، سبحان الله رب السماوات السبع، ورب العرش العظيم، ﴿كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلا سَاعَةً مِّن نَّهَارا بَلَاغٌا فَهَلْ يُهْلَكُ إِلا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ﴾ (الأحقاف : ٣٥)، ﴿كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَااهَا﴾ (النازعات : ٤٦).
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٦١
وفي شرعة الإسلام المرأة التي عسرت عليها الولادة يكتب لها في جام، وهو طبق أبيض من زجاج أو فضة، ويغسل ويسقى ماؤه : باسم الله الذي لا إله إلا هو العليم الحكيم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمدرب العالمين ؛ كأنهم يوم يرون إلخ.
ومر عيسى ابن مريم ببقرة اعترض ولدها في بطنها، فقالت : يا كلمة الله ادعو الله أن يخلصني، فقال عيسى : يا خالق النفس من النفس خلصها، فألقت ما في بطنها، فإذا عسرت على المرأة الولادة، فليكتب لها هذا، وكذا إذا عسرت على الفرس والبقر وغيرهما.
قال في "آكام المرجان" : يجوز أن يكتب للمصاب وغيره من المرضى شيء من كتاب الله، وذكره بالمداد المباح، ويغسل ويسقى كما نص على ذلك الإمام أحمد وغيره.
انتهى.
واحترز بكتاب الله وذكره عما لا يعرف معناه من لغات الملل المختلفة، فإنه يحتمل أن يكون فيه كفر واحترز بالمداد المباح عن الدم ونحوه من النجاسات، فإنه حرام بل كفر، وكذا تقليب حروف القرآن وتعكيسها.
نعوذ بالله ثم من لطائف القرآن الجليل ختم السورة الشريفة بالعذاب القاطع لدابر الكافرين، والحمدحمداً كثيراً إلى يوم الدين وإلى أبد الآبدين.
تمت سورة الأحقاف بعون ذي الألطاف في عاشر شوال المنتظم في سلك شهور سنة ثلاث عشرة بعد المائة ويليها سورة محمد صلى الله عليه وسلّم وتسمى سورة القتال أيضاً.
مدنية، وقيل : مكية، وآيها تسع أو ثمان وثلاثون.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٦١
وفي شرعة الإسلام المرأة التي عسرت عليها الولادة يكتب لها في جام، وهو طبق أبيض من زجاج أو فضة، ويغسل ويسقى ماؤه : باسم الله الذي لا إله إلا هو العليم الحكيم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمدرب العالمين ؛ كأنهم يوم يرون إلخ.
ومر عيسى ابن مريم ببقرة اعترض ولدها في بطنها، فقالت : يا كلمة الله ادعو الله أن يخلصني، فقال عيسى : يا خالق النفس من النفس خلصها، فألقت ما في بطنها، فإذا عسرت على المرأة الولادة، فليكتب لها هذا، وكذا إذا عسرت على الفرس والبقر وغيرهما.
قال في "آكام المرجان" : يجوز أن يكتب للمصاب وغيره من المرضى شيء من كتاب الله، وذكره بالمداد المباح، ويغسل ويسقى كما نص على ذلك الإمام أحمد وغيره.
انتهى.
واحترز بكتاب الله وذكره عما لا يعرف معناه من لغات الملل المختلفة، فإنه يحتمل أن يكون فيه كفر واحترز بالمداد المباح عن الدم ونحوه من النجاسات، فإنه حرام بل كفر، وكذا تقليب حروف القرآن وتعكيسها.
نعوذ بالله ثم من لطائف القرآن الجليل ختم السورة الشريفة بالعذاب القاطع لدابر الكافرين، والحمدحمداً كثيراً إلى يوم الدين وإلى أبد الآبدين.
تمت سورة الأحقاف بعون ذي الألطاف في عاشر شوال المنتظم في سلك شهور سنة ثلاث عشرة بعد المائة ويليها سورة محمد صلى الله عليه وسلّم وتسمى سورة القتال أيضاً.
مدنية، وقيل : مكية، وآيها تسع أو ثمان وثلاثون.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٦١


الصفحة التالية
Icon