الخلق قدراً أو منزلة، وقابلية، فقال : فاعلم أنه لا إله إلا الله تنبيهاً له، ولمن يتبعه من أمته على قدر ما يمكن معرفته من جناب قدسه، ويمكن الظفر به، وهو مرتبة الألوهية وما وراءها من حضرة الغيب المطلق وغيب الهوية خارج عن طوق الكون إذ ليس وراءها اسم ولا رسم ولا نعت ولا وصف ولا حكم، وليس في قوة الكون المقيد أن يعطي غير ما يقتضيه تقييده، فكيف يمكن له أن يدرك حضرة الغيب المطلق، وغيب الهوية، ولما كان حصول التوحيد الذي هو كمال النفس موجباً للإجابة.
قال تعالى معلماً أنه يجب على الإنسان بعد تكميل نفسه السعي في تكميل غيره، ليحصل التعاون على ما خلق العباد له من العبادة.
﴿وَاسْتَغْفِرِ﴾ ؛ أي : اطلب الغفران من الله ﴿لِذَنابِكِ﴾، وهو كل مقام عاللٍ ارتفع عليه السلام عنه إلى أعلى وما صدر عنه عليه السلام من ترك الأولى، وعبر عنه بالذنب نظراً إلى منصبه الجليل، كيف لا وحسنات الأبرار سيئات المقربين، وإرشاداً له عليه السلام إلى التواضع وهضم النفس واستقصاء العمل ﴿وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَـاتِ﴾ ؛ أي : لذنوب أمتك بالدعاء لهم وترغيبهم فيما يستدعي غفرانهم ؛ لأنهم أحق الناس بذلك منك ؛ لأن ما عملوا من خير كان لك مثل أجره إذ لمكمل الغير مثل أجر ذلك الغير، وفي إعادة صلة الاستغفار على اختلاف متعلقيه جنساً.
وفي حذف المضاف، وإقامة المضاف إليه مقامه إشعار بعراقتهم في الذنب وفرط افتقارهم إلى الاستغفار، وهو سؤال المغفرة وطلب الستر، إما من إصابة الذنب، فيكون حاصله العصمة والحفظ، وإما من إصابة عقوبة الذنب، فيكون حاصله العفو والمحو.
قال بعضهم للنبي عليه السلام أحوال ثلاثة :
الأول : مع الله، فلذا قيل وحده.
والثاني : مع نفسه ولذا أمر بالاستغفار لذنبه.
والثالث : مع المؤمنين ولذا أمر بالاستغفار لهم، وهذه أرجى آية في القرآن، فإنه لا شك أنه عليه السلام ائتمر بهذا الأمر وأنه لا شك أن الله تعالى أجابه فيه، فإنه لو لم يرد إجابته فيه لما أمره بذلك :
هركرا جون توبيشوا باشد
نا اميد ازخدا جراباشد
جون نشان شفاعت كبرى
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٩٦
يافت برنام ناميت طغرا
امتان با كناهكا ريها
بتودارند اميد واريها
﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ﴾ ؛ أي : مكانكم الذي تتقلبون عليه في معاشكم ومتاجركم في الدنيا، فإنها مراحل لا بد من قطعها.
وبالفارسية :(وخداى ميداند جاى رفتن وكرديدن شمادر دنيا كه جون ميكرديد از حال بحال).
﴿وَمَثْوَاـاكُمْ﴾ في العقبى، فإنها موطن إقامتكم.
وبالفارسية :(وآرامكاه شمادر عقبى بهشت است يا دوزخ).
فلا يأمركم إلا بما هو خير لكم في الدنيا والآخرة، فبادروا إلى الامتثال بما أمركم به، فإنه المهم لكم في المقامين.
قال في "بحر العلوم" : الخطاب في قوله : فاعلم واستغفر للنبي عليه السلام، وهو الظاهر، أو لكل من يتأتى منه العلم والاستغفار من أهل الإيمان وينصره الخطاب بلفظ الجمع في قوله :﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاـاكُمْ﴾.
انتهى.
وفي "كشف الأسرار" : يعني :(يا محمد آنجه بنظر واستدلال دانسته از توحيد ما بخير نيز بدان ويقين باش كه الله تعالى يكانه ويكتاست درذات وصفات ودر حقايق سلمى أورده كه جون عالمى را كويند اعلم مرادبان ذكر باشد يعني يادكن آنجه دانسته).
وقال أبو الحسين النوري قدس سره : والعلم الذي دعي إليه المصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم هو علم الحروف وعلم الحروف في لام ألف وعلم لام ألف في الألف وعلم الألف
٥١١
في النقطة وعلم النقطة في المعرفة الأصلية، وعلم المعرفة الأصلية، في علم الأول وعلم الأول في المشيئة، وعلم المشيئة في غيب الهوية، وهو الذي دعاه إليه، فقال : فاعلم، فالهاء راجع إلى غيب الهوية.
انتهى.
(اكر كسى كويد ابراهيم خليل را عليه السلام كفتند اسلم جواب دادكه اسلمت مصطفى حبيب را كفتند فاعلم نكفت علمت جواب آنست كه خليل رونده بود درراه كه انى ذاهب إلى ربى در وادى تفرقت مانده لا جرم جوابش خود بايست داد وحبيب ربوده حق بوددر نقطه جمع نواخته اسرى بعبده حق اورا بخود باز نكذاشت از بهر او جواب دادكه آمن الرسول).
والإيمان هو العلم وإخبار الحق تعالى عنه أنه آمن وعلم أتم من إخباره بنفسه علمت قوله، واستغفر لذنبك ؛ أي : إذا علمت أنك علمت فاستغفر لذنبك هذا، فإن الحق على جلال قدره لا يعلمه غيره :
تراكه داندكه تراتو دانى تو
ترانداندكس تراتو دانى كس


الصفحة التالية
Icon