ذلك الأثر إليه لاتصاله بعالم النور بتلك البقية، وإن أسرف وفرط في جنب الله.
وأما اليأس، فدليل الاحتجاب الكلي واسوداد الوجه، فالله تعالى يغفر الذنوب جميعاً بشرط بقاء نور التوحيد في القلب، فإذا لم يبق دخل في قوله :﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ﴾ ( :).
فالقنوط : من أعظم المصائب.
وقد أمهل تعالى عباده تفضلاً منه إلى وقت الغرغرة، فلو رجع العبد إلى الله قبل آخر نفس يتنفسه قبل.
﴿إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ﴾ حال كونها ﴿جَمِيعًا﴾ ؛ كأنه قيل : ما سبب النهي عن القنوط من الرحمة فأجيب بأن سبب النهي هو ﴿إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾ عفواً لمن يشاء، ولو بعد حين بتعذيب في الجملة وبغيره حسبما يشاء، فهو وعد بغفران الذنوب، وإن كثرت، وكانت صغائر، أو كبائر بعدد الرمال والأوراق والنجوم ونحوها.
والعموم بمعنى الخصوص ؛ لأن الشرك ليس بداخل في الآية إجماعاً، وهي أيضاً في العاصي مقيدة بالمشيئة ؛ لأن المطلق محمول على المقيد وسيجيء بقية الكلام على الآية.
قال عليه السلام :"إن الله يغفر الذنوب جميعاً ولا يبالي إنه هو الغفور الرحيم".
وقال عليه السلام :"إن تغفر اللهم، فاغفر جماً، وأي عبد لك لا ألما".
يعني :(جون آمر زى خداوندا همه بيامرز وآن كدام بنده است كه او كناه نكرده است).
والفرق بين العفو والمغفرة هو أن حقيقة العفو هو المحو كما إشير إليه بقوله تعالى :﴿إِنَّ الْحَسَنَـاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّـاَاتِ﴾ (هود : ١١٤).
والتبديل الذي أشير إليه بقوله :﴿فأولئك يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّـاَاتِهِمْ حَسَنَـاتٍ﴾ (الفرقان : ٧٠) هو من مقام المغفرة قاله الشيخ الكبير رضي الله عنه في "شرح الأربعين" حديثاً ثم قال في مقام التعليل.
﴿إِنَّهُ﴾ تعالى ﴿هُوَ﴾ وحده ﴿الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾.
الأول : إشارة إلى محو ما يوجب العقاب.
والثاني : إلى التفضل بالثواب وصيغة المبالغة راجعة إلى كثرة الذنوب، وكثرة المغفور والمرحوم.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٦٨
قال الأستاذ القشيري قدس سره : التسمية بيا عبادي مدح.
والوصف بأنهم أسرفوا ذم، فلما قال : يا عبادي طمع المطيعون أن يكونوا هم المقصودين بالآية، فرفعوا رؤوسهم ونكس العاصي رأسه وقال : من أنا، حتى يقول لي هذا، فقال الله تعالى :﴿الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ﴾، فانقلب الحال، فهؤلاء الذين نكسوا رؤوسهم انتعشوا وزالت زلتهم، والذين رفعوا رؤوسهم أطرقوا وزالت صولتهم، ثم قوي رجاؤهم بقوله على أنفسهم.
يعني : إن أسرفت لا تقنط من رحمة الله، بعدما قطعت اختلافك إلى بابنا، فلا ترفع قلبك عناء، والألف واللام في الذنوب للاستغراق، والعموم جميعاً تأكيد له ؛ فكأنه قال : أغفر ولا أترك وأعفو ولا أبقي، فإن كانت لكم جناية كثيرة عميمة، فلي بشأنكم عناية قديمة.
وفي "كشف الأسرار" :(بدانكه از آفريد كان حق تعالى كمال كرامت دوكروه راست يكى فرشتكان وديكر آدميان "ولهذا جعل الأنبياء والرسل منهم دون غيرهم" وغايت شرف إنساني دردو جيزاست در عبوديت ودرمحبت عبوديت محض صفت فرشتكانست وعبوديت ومحبت هر دوصفت آدميان است فرشتكانرا عبوديت محض دادكه صفت خلق است وآدميانرا بعد از عبوديت خلعت محبت داد كه صفت حق است تا از بهر اين امت ميكويد ﴿يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾ (المائدة : ٥٤) ودر عبوديت نيز آدميانرا فضل داد برفر شتكانكه عبوديت فرشتكان بى اضافت كفت ﴿بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ﴾ (الأنبياء : ٤٦) وعبوديت آدميان باضافت كفت يا عِبَادِىَ} آنكه بر مقتضاى محبت فضل خود برايشان تمام
١٢٥
كرد وعيبها ومعصيتهاى ايشان بأنوار محبت بيوشيد وبرده ايشان ندريد نه بينى كه زلت برايشان قضا كرد وبآن همه زلات نام عبوديت از ايشان نيفكند وباذ كرزلت ومعصيت تشريف اضافت از ايشان باز تستد كفت ﴿قُلْ يا عِبَادِىَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ﴾ وآنكه برده ايشان نكاه داشت كه عين كناهان اظهار نكرد بلكه مجمل ياد كرد سربسته وعين آن بوشيده كفت ﴿أَسْرَفُوا﴾ إسراف كردند كزاف كردند از بهر آنكه دارارادت وى مغفرت ايشان بودنه برده دريد نه اسم عبوديت بيفكد "سبحانه ما أرافه بعباده" موسى عليه السلام كفت "إلهي تريد المعصية من العباد وتبغضها" كفت "يا موسى ذاك تأسيس لعفوي" يعني : معصيت بندكان بارادت تست آنكه آنرا دشمن ميدارى وبنده را بمعصيت دشمن ميكيرى حق جل جلاله كفت آن بنياد عفو وكرم خويش است كه مى نهم خزينه رحمت ما براست اكر عاصيان نباشند ضايع ماند).
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٦٨
قال الكاشفي :(بيمارستان جرم وعصيا نرا شربت راحت جز درين دار الشفا حاصل نشود وسر كردانان بيابان نفس وهوارا زاد طريق نجات جز بمدد آن آيت ميسر نكردد) :
ندارم هيج كونه توشه راه
بجز لا تقنطوا من رحمة الله
تو فر مودى كه نوميدى مياريد
زمن لطف وعنايت جشم داريد
يدين معنى بسى اميد واريم


الصفحة التالية
Icon