يقول الفقير : ثبت أن بعض أهل الرياضة لم ينم سنين فيمكن له دوام الذكر والتسبيح كما قال تعالى والذين هم على صلاتهم دائمون ويمكن أن يقال أن ذلك حال القلب لا حال القالب فإن أكثر أهل الله ينامون ويقومون على ما فعله النبي عليه السلام لكن قلوبهم يقظى وصلاتهم أي توجههم دائمة فهم في الذكر في جميع آناء الليل والنهار ﴿وَأَدْبَـارَ السُّجُودِ﴾ وأعقاب الصلوات وأواخرها جمع دبر من أدبرت الصلاة إذا انقضت والركوع والسجود يعبر بهما عن الصلاة لأنهما أعظم أركانها كما يعبر بالوجه عن الذات لأنه أشرف أعضائها وفي تفسير المناسبات وسبح ملتبساً بحمد ربك قبل طلوع الشمس بصلاة الصبح وما يليق به من التسبيح وغيره وقبل الغروب بصلاة العصر والظهر كذلك فالعصر أصل في ذلك الوقت والظهر تبع لها ولما ذكر ما هو أدل على الحب في المعبود لأنه وقت الانتشار إلى الأمور الضرورية التي بها القوام والرجوع لقصد الراحة الجسدية بالأكل والشرب واللعب والاجتماع بعد الانتشار والانضمام مع ما في الوقتين من الدلالة الظاهرة على طي الخلق ونشرهم اتبعه ما يكون وقت السكون المراد به الراحة بلذيذ الاضطجاع والمنام فقال : ومن الليل أي في بعض أوقاته فسبحه بصلاتي المغرب والعشاء وقيام الليل لأن الليل وقت الخلوات وهي ألذ المناجاة ولما ذكر الفرائض التي لا مندوحة عنها على وجه يشمل النوافل من الصلاة وغيرها أتبعها النوافل المقيدة بها فقال وأدبار السجود أي الذي هو الأكمل في بابه وهو صلاة الفرض بما يصلي بعده من الرواتب والتسبيح بالقول أيضاً والمعنى والله أعلم أن الاشتغال استمطار من المحمود المسبح للنصر على المكذبين وأن الصلاة أعظم ترياق للنصر وإزالة النصب ولهذا كان النبي عليه السلام إذا حز به أمر فزع إلى الصلاة انتهى.
يقال حزبه الأمر نابه واشتد عليه أو ضغطه وفزع إليه لجأ وعن عمر وعلي رضي الله عنهما أدبار السجود الركعتان بعد صلاة المغرب وأدبار النجوم الركعتان قبل صلاة الفجر وعليه جمهور المفسرين وعن النبي عليه السلام : من صلى بعد المغرب ركعتين قبل أن يتكلم كتبت صلاته في عليين وعنه عليه السلام ركعتا الفجر أي سنة الصبح خير من الدنيا وما فيها وكان عليه السلام يقرأ في الركعتين بعد المغرب والركعتين قبل صلاة الفجر قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد قاله ابن مسعود وعن مجاهد وأدبار السجود هو التسبيح باللسان في أدبار الصلوات المكتوبة وفي الحديث من سبح الله دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين وكبر الله ثلاثاً وثلاثين وحمد الله ثلاثاً وثلاثين فذلك تسع وتسعون ثم قال تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر.
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٩٩
وفي رواية أخرى عن أبي هريرة رضي الله عنه قالوا : يا رسول الله ذهب أهل الوفور بالدرجات والنعيم المقيم قال : وكيف ذلك؟ قالوا : صلوا كما صلينا وجاهدوا كما جاهدنا وأنفقوا من فضول أموالهم وليست لنا أموال قال : أفلا أخبركم بأمر تدركون به
١٤٠