﴿فِى صَرَّةٍ﴾ حال من فاعل أقبلت والصرة الصيحة الشديدة يقال صر يصر صريراً إذا صوت ومنه صرير الباب وصرير القلم أي حال كونها في صيحة وهو صوت شديد وقيل صرتها قولها اوه و يا ويلتي أورنتها.
وقال الكاشفي : درفرياد وميكفت الليلاء الليلاء اين كلمه بود در كفت ايشان كه وقت تعاظم أمور برزبان راندندى.
والصرة أيضاً الجماعة المنضم بعضها إلى بعض كأنهم صروا أي جمعوا في إناء وبها فسرها بعضهم أي أقبلت في جماعة من النساء كن عندها وهي واقفة متهيئة للخدمة ﴿فَصَكَّتْ وَجْهَهَا﴾ الصك ضرب الشيء بالشيء العريض يقال صكه أي ضربه شديداً بعريض أو عام كما في القاموس أي لطمته من الحياء لما أنها وجدت حرارة دم الحيض وقيل ضربت بأطراف أصابعها جبينها كما يفعله المتعجب وهي عادة النساء إذا أنكرن شيئاً.
وقال الكاشفي : س طبانه زدروى خودرا نانه زنان در وقت تعجب كنند
جزء : ٩ رقم الصفحة : ١٤٥
﴿وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ﴾ أي أنا عجوز عاقر لم ألد قط في شبابي فكيف ألد الآن ولي تسع وتسعون سنة سميت العجوز عجوزاً لعجزها عن كثير من الأمور وأصل العقم اليبس المانع من قبول الأثر والعقيم من النساء التي لا تقبل ماء الفحل قال في القاموس : العقم بالضم هزمة تقع في الرحم فلا تقبل الولد وفي عين المعاني العقيم من سد رحمها ومنه الداء العقام الذي لا يرجى برؤه وبمعناه العاقر وهي المرأة التي لا تحبل ورجل عاقر أيضاً لمن لا يولد له وكانت سارة عقيماً لم تلد قط فلما لم تلد في صغرها وعنفوان شبابها ثم كبر سنها وبلغت سن الأياس استبعدت ذلك وتعجبت فهو استبعاد بحكم العادة لا تشكك في قدرة الله سبحانه وتعالى ﴿قَالُوا كَذَالِكِ﴾ أي مثل ذلك الذي بشرناه ﴿قَالَ رَبُّكِ﴾ وإنما نحن معبرون نخبرك به عنه تعالى لا أنا نقول من تلقاء أنفسنا فالكاف في كذلك منصوب المحل على أنه صفة لمصدر قال الثانية أي لا تستبعدي ما بشرناه به ولا تتعجبي منه فإنه تعالى قال مثل ما أخبرناك به ﴿إِنَّه هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ﴾ فيكون قوله حقاً وفعله محكماً لا محالة :
كسى كوبكار تودانا بود
براتمام اوهم توانا بود
بجزدر كهش رومكن سوى كس
مراددل خويش از وجوى وبس
روي أن جبريل عليه السلام قال لها : انظري إلى سقف بيتك فنظرت فإذا جذوعه مورقة مثمرة فأيقنت ولم تكن هذه المفاوضة مع سارة فقط بل مع ابراهيم أيضاً حسبما شرح في سورة الحجر وإنما لم يذكر هنا اكتفاء بما ذكر هناك كما أنه لم يذكر هناك سارة اكتفاء بما ذكر ههنا وفي سورة هود وفي الآية إشارة إلى أنه لا يجوز اليأس من فضل الله تعالى فإن المقدور كائن ولو بعد حين وقد أورقت وأثمرت شجرة مريم عليها السلام أيضاً وكانت يابسة كما مر في سورة مريم وقد اشتغل أفراد في كبرهم ففاقوا على أقرانهم في العلم فبعض محرومي البداية مرزوقون في النهاية فمنهم ابراهيم بن أدهم وفضيل بن عياض ومالك بن دينار قدس الله أسرارهم فإنهم وإن بعدوا عن الفطرة الأصلية بسبب الأحوال العارضة لكنهم لما سبقت العناية في حقهم انجذبوا ءلى الله فتقربوا لديه وأزالوا عن الفطرة الغواشي فمن استعجز قدرة الله تعالى فقد كفر وأما قولهم الصوفي بعد الأربعين بارد فهو يحسب
١٦٣
الغالب لأن المزاج بعد الأربعين في الانحطاط لغلبة اليبوسة والرودة لكن الله يحيي ويميت فيحيى في الكبر ما أماته في الصغر أي في حال الشباب ويميت في الكبر ما أحياه في الصغر بأن يميت النفس في الكبر بعدما كانت حية في الشباب ويحيي القلب في الكبر بعدما كان ميتاً في الشباب ومن الله نرجو جزيل الفيض والعطاء.
جزء : ٩ رقم الصفحة : ١٤٥
الجزء السابع والعشرون من الاجزاء الثلاثين