وفي التأويلات النجمية ولا تجعلوا مع الله في المعرفة بوحدانيته إلهاً آخر من النفوس والهوى والدنيا والآخرة فتعبدونها بالميل إليها والرغبة فيها فإن التوحيد في الإعراض عنها وقطع تعلقاتها والفرار إلى الله منها لأن من صح فراره إلى الله صح قراره مع الله وهذا كمال التوحيد إني لكم نذير مبين أخوفكم اليم عقوبة البعد وعذاب الأثنينية إذا أشركتم به في الوجود فإنه لا يغفر أن يشرك به ﴿كَذَالِكِ﴾ أي الأمر وهو أمر الأمم السالفة بالنسبة إلى رسلهم من ما ذكر من تكذيب قريش ومشركي العرب الرسول صلى الله عليه وسلّم وتسميتهم له ساحراً أو مجنوناً ثم فسره بقوله :﴿مَآ أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ﴾ من رسل الله ﴿إِلا قَالُوا﴾ في حقه هو ﴿سَـاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ﴾ يعني اكر معجزه بديشان نمود عمل اورا سحر خواندند واكر ازبعث وحشر خبرداد قول اورا بسخن اهل جنون تشبيه كردند أي فلا تأس على تكذيب قومك إياك ﴿وَءَاتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ﴾ إنكار وتعجيب من حالهم وإجماعهم على تفرق ازمانهم على تلك الكلمة الشنيعة التي لا تكاد تخطر ببال أحد من العقلاء فضلاً عن التفوه بها في حق الأنبياء أي أوصى الألون الآخرين بعضهم بعضاً بهذا القول حتى اتفقوا عليه ﴿بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ﴾ آضراب عن كون مدار اتفاقهم على الشر تواصيهم بذلك لبعد الزمان وعدم تلاقيهم في وقت واحد وإثبات لكونه أمراً أقبح من التواصي وأشنع منه وهو الطغيان الشامل للكل الدال على أن صدور تلك الكلمة الشنيعة عن كل واحد منهم بمقتضى جبلته الخبيثة لا بموجب وصية من قبلهم بذلك من غير أن يكون ذلك مقتضى طباعهم وفيه إشارة إلى أن أرباب النفوس المتمردة من الأولين والآخرين مركوزة في جبلتهم طبيعة الشيطنة من التمرد والآباء والاستكبار فما أتاهم رسول من الأنبياء في الظاهر أو من الإلهامات الربانية في الباطن إلا أنكروا عليه وقالوا ساحر يريد أن يسحرنا أو مجنون لا عبرة بقوله كأن بعضهم أوصى بعضهم بالتمرد والإنكار والجحود لأنهم خلقوا على طبيعة واحدة بل هم قوم طاغون بأنهم وجدوا أسباب الطغيان من السعة والتنعم والبطر والغنى قال الشاعر :
إن الشباب والفراغ والجده
مفسدة للمراء أي مفسده
فعكسوا الأمر وكان ينبغي لهم أن يصرفوا العمر والشباب والغنى في تحصلي المطلوب الحقيقي.
كما قال الحافظ :
جزء : ٩ رقم الصفحة : ١٤٥
عشق وشباب ورندى مجموعه مرادست
ون جمع شد معاني كوى بيان توان زد
﴿فَتَوَلَّ عَنْهُمْ﴾ فأعرض عن جدالهم فقد كررت عليهم الدعوة فأبوا إلا الاباء والاستكبار وبالفارسية س روى بكردان از مكافات ايشان تاوقتى كه مأمور شوى بقتال وفي فتح الرحمن فتول عن الحرص المفرط عليهم وذهاب النفس حسرات وقال الواسطي ردهم إلى ما سبق عليهم في الأزل من السعادة والشقاوة ﴿فَمَآ أَنتَ بِمَلُومٍ﴾ على التولي بعدما
١٧٤